تزايدت تأثيرات الكوارث الطبيعية في أفريقيا بوتيرة أسرع من غيرها من مناطق العالم. خلال السبعينيات من القرن الماضي، ازدادت حالات الجفاف ثلاث مرات، وحالات العواصف أربع مرات، وحالات الفيضانات عشر مرات. ونتج عن ذلك ارتفاع نسبة الفيضانات بنسبة 20%، وزيادة أكثر من ثلث حالات الجفاف المسجلة عالميًا خلال العقد الماضي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. ظاهرة الاحترار العالمي ساهمت في زيادة موجات الحرارة وتضاعف حالات الجفاف والعواصف بنسبة أربع مرات، مما أدى إلى تفاقم التهديدات الأمنية في القارة. العقد الماضي شهد أعلى درجات حرارة على الإطلاق، وهذا يعد جزءًا من اتجاه عام تمتد إليه السنوات السابقة. زيادة درجات الحرارة بمقدار 0.5 درجة مئوية يمكن أن تزيد فرص حدوث الموجات المميتة التي تودي بحياة 100 شخص أو أكثر بنسبة 150%.
وفقًا لفريق الحكومة الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC)، يعود سبب الاحتباس الحراري إلى زيادة في الظواهر الجوية الشديدة مثل الأمطار الغزيرة والفيضانات، والعواصف العنيفة في البلدان الاستوائية وبعض مناطق شرق أفريقيا، بالإضافة إلى تفاقم الجفاف في الساحل والجنوب الأفريقي. من المتوقع أن تشهد الجبال الثلاثة الوحيدة في إفريقيا التي تحتوي على غطاء جليدي – وجميعها في شرق إفريقيا – اختفاء تام للجليد بحلول عام (2040-2049)، وربما جبل كينيا قبل ذلك بعشر سنوات.
زيادة درجة الحرارة بمقدار إحدى درجات مئوية قد تؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي بنسبة 2.7%. هذا سيكون له تأثير كبير بشكل خاص على إفريقيا، حيث تعتمد العديد من الأسر على أنشطة زراعية تعتمد على الطقس مثل زراعة المطر والرعي وصيد الأسماك لتأمين لقمة عيشها. فقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظم الإيكولوجية بسبب الجفاف وتقلبات الأمطار قد يؤثر على جودة التربة والنباتات المغطية.
ستظل زيادة حوادث الفيضانات تؤثر سلبًا على سبل العيش الزراعية مثل فقدان البذور وتلف المحاصيل وإصابة المواشي ونفوقها، مما يجعل المجتمعات المحلية أكثر عُرضة للخطر. ومع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية، يتوقع البنك الدولي انخفاضًا قدره 10% في إنتاجية المحاصيل في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول العقد المقبل.
زيادة الإنتاج على الأراضي الزراعية الموجودة يشكل تهديدًا للبيئة بسبب استهلاك الموارد المائية والنظم الإيكولوجية بشكل مفرط، بالإضافة إلى توسُّع زراعة أراضٍ جديدة التي يمكن أن تشكِّل تهديدًا للنظم الإيكولوجية المحلية والإقليمية. زيادة الضغط على الأراضي يمكن أن تُسبِّب هجرة وزيادة التوتُّرات بين الأمم.
يوجد حوالي ١٨ مليون عامل مهاجر موسمي في أفريقيا، حيث يعمل ٨٠ % منهم في الزراعة والتعدين وصيد الأسماك. نتيجة لتدهور الظروف المناخية، أصبحت الهجرة الموسمية غير فعالة للعديد منهم، مما يزيد من الهجرة الدائمة والتشريد بشكل كبير.
تهدد أسوأ سيناريوهات الاحترار العالمي بأن تشهد أفريقيا جنوب الصحراء انتقال ما يصل إلى ٨٦ مليون شخص داخل الحدود الوطنية. سيشكل شمال أفريقيا النسبة الأكبر من هؤلاء المهاجرين بسبب تغير المناخ، حيث من المتوقع أن ينتقل ١٩.٣ مليون شخص، ما يعادل حوالي ٩ % من سكان المنطقة، ويرجع ذلك أساسًا إلى تفاقم نقص المياه.
نتيجة لانخفاض إنتاج المحاصيل والإنتاجية الزراعية واليد العاملة، ونتيجة لانخفاض المعدلات والمؤشرات الصحية للإنسان، من المتوقع أن يكون لتغير المناخ تأثير سلبي مضاعف على الاقتصاد والرفاهية في أفريقيا مع مرور الوقت.
شاهد أيضاً
ما بين جدة وجنيف .. هل تنجح جهود التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار في السودان؟
خاص – مركز المستقبل تنطلق في مدينة جدة السعودية مشاورات بين الحكومة السودانية والولايات المتحدة …