بقلم: ممدوح ثابت ـ كاتب صحفي ومحلل سياسي
أن ما يحدث في قطاع غزة لهو شاهد عيان على سقوط الأقنعة الزائفة التي تتشدق بالديمقراطية والحريات لنصرة المستضعفين في العالم.
أن تحول هائل يحدث الآن مهما حاولت النخب الغربية اليمينية الحاكمة وبات واضحًا حجم التغيير السياسي في الرأي العام الإقليمي والدولي والذي إزاحة الستار عن واحدة من أهم القضايا الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط واسقط ورقة التوت عن التحالفات التي تراهن على الحصان الخاسر أمريكيا وحلفائها.
غزة التي يتم تفريغها الآن من المكون الشعبي تمهيدًا لإفراغ القضية الفلسطينية من مقاومتها بعد أن تمكنت إسرائيل في خلسة من الوقت بتقسيمها إلى مربعات أمنية تسعى من خلالها إلى تكوين مليشيات غزاوية من عواقل العائلات والقبائل بحجج حماية المواد الغذائية وبشكل سري يشرف عليها عدد من أجهزة الأمن والاستخبارات الفلسطينية.
إسرائيل تريد خلق ملعب جديد للاقتتال بين المكون الفلسطيني وعزل وتفريغ المقاومة الفلسطينية ومن الحاضنة الشعبية، أو هي ذات أوراق اللعب ذاتها التي فعلها الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان وهي اثارة الفتن بين أطياف الشعب الواحد وتحويل الوطن الواحد إلى جزر منعزلة تتقاتل فيما بينها .ذلك لان ساسة وشيوخ اليمين الحاكم في أمريكا وأوروبا هم أنفسهم من قاموا في الماضي بصناعة تلك اللعبة .
أن التحجر السياسي والضعف العربي التي وصلت إليه المنطقة العربية في معالجة القضية الفلسطينية طيلة السنوات الماضية، وانشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا ادي إلى افراز طبيعي لهيمنة القطب الأمريكي الواحد .وبرز دور أصحاب الغرف المغلقة ” Safe House ” من عناصر وأجهزة الاستخبارات يتصدرون المشهد وأصبح دور الدبلوماسية في كان.
أن المأزق الحقيقي الذى تعيشه المنطقة العربية هو غياب الوعي العربي والتكتلات العربية الحقيقية التي تدافع عن أمن البلدان وقضاياهم .وبات من الضروري جدا في هذه المرحلة أن تتبني الدول العربية دعوة الرئيس المصري إلى انشاء قوات عربية مشتركة تلك الدعوة التي اجهضتها بعض الدول العربية في بداية عام 2018 ، بسبب ضغوط الغرب ومصالح تلك الدول المرتبطة بأمريكا وإسرائيل .
أن ما تفعله اسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في قطاع غزة كشف العوار السياسي العميق في منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي العاجز عن اتخاذ قرار حيال ما يحدث من إبادة وتصفية للقضية الفلسطينية ومن قبلها السودان وليبيا وسوريا والعراق .
أن الحديث عن الطرح الأمريكي الجديد بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح اشبه باستنساخ الاجنة المشوهة وذلك بسبب عوامل كثيرة أهمها الصراح المكتوم بين المكون الفلسطيني الفلسطيني حتى داخل منظمة التحرير وحركة فتح وحتى داخل فصائل المقاومة خاصة ما يعرف باسم المكاتب السياسية.
وواضح امام عموم البشر الخلاف المكتوم في الآونة الأخيرة بين حماس الدوحة وحماس غزة حيث اسرار الفصائل الخمسة في قطاع غزة على اللات الأربعة في مفوضات باريس من بينها وقف اطلاق نار دائم في قطاع غزة ، ليبرز الخلاف على السطح مع مجموعة هنية التي ترغب في هدنة مؤقتة مقابلة إعادة اعمار غزة.
وأصبح واضحا نية الاحتلال الإسرائيلي في تمزيق وعدم استقرار منطقة الشرق الأوسط وفتح جبهة قتال جديدة في محور المقاومة في لبنان رغم الانقسامات الشديدة في الشارع الإسرائيلي وبين القادة العسكرين بعد ان اخفاقات الجيش في مناطق غزة والتي تكبد فيها خسائر في المعدات وبين صفوف الجنود.
وفشل الجيش الإسرائيلي المدعوم من تحالفات غربية يمينية من تحرير الاسرى او الوصول إلى أماكنهم رغم ما لديه من معلومات استخباراتية بات مشكوك في صحتها واصبح حتميا ان انتهاء هذه الحرب سوف يزج معه كثير من أعضاء الحكومة الإسرائيلية وقيادات عسكرية فشلة إداريا ومعلوماتية في تحقيق أهدافها في قطاع غزة لذلك يسر نتنياهو عدم انهاء الحرب واطالتها خوفًا من المحاكمة والملاحقة القضائية وهو وأعضاء الحكومة التي تدير الحرب .
أن اسرار إسرائيل وبعض أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية من بينهم محمود عباس، على عدم الافراج عن الأسير مروان البرغوثي في سجون الاحتلال الاسرائيلي، يكشف النية الحقيقية لاستمرار تمزيق المكون الفلسطيني المؤيد لخروج البرغوثي وهو القاسم المشترك الذى تتفق عليه كتائب المقاومة وأجنيحتها السياسية ويرفضه القابعون على كراسي السلطة الفلسطينية والاحتلال معًا.