“مخاطر المنطقة” دفعت بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى زيارة مصر بعد انقطاع حوالي 12 عاماً ولقاء نظيره عبد الفتاح السيسي لبحث حماية المصالح المشتركة وإبعاد لهيب النيران المشتعلة في فلسطين والسودان وليبيا عن أنقرة والقاهرة بنفس الوقت.
“الأحمر” يغلي!
تتصدر غزة عناوين الملفات التي ناقشها أردوغان مع السيسي، في ظل التلويح الإسرائيلي المستمر بتهجير سكان القطاع إلى سيناء، ما يعتبره الرئيس التركي “أمراً غير مسموحاً” يتطابق مع ما تؤكد عليه الرئاسة المصرية على لسان السيسي بقوله “لن نخون دماء ضحايا غزة ونقبل بتهجير السكان”.
يأتي ذلك وسط حالة غليان يشهدها البحر الأحمر، وتم التطرق إليها في قمة أردوغان والسيسي، مع التحذير من “نتائج كارثية” على ضفاف البحر بفعل الصراع بين حركة أنصار الله وإسرائيل وأمريكا من جهة، ومن جهة ثانية ما يشهده السودان من نزاع مسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع.
الهدف “الأسمر”
مصالح الطرفان (تركيا ومصر) تلتقي في أبرز قضايا المنطقة وخاصة بالملف السوداني، الذي استطاعت القاهرة من خلاله جذب رأس الهرم التركي بعد نحو عقد من الزمن على الغياب، ما يعتبره مختصون بالشأن الإفريقي بأنه “سباق نحو نهب الخيرات” بين الدول المجاورة وبين واشنطن المتهمة بإثارة الفوضى بالسودان للتغلغل إلى عمق القارة السمراء والتمركز فيها عسكرياً للسطو على ثرواتها اقتصادياً.
مقابل ذلك، تعود إلى الواجهة الاتفاقية الروسية السودانية الموقعة عام 2017 بين موسكو والخرطوم في عهد الرئيس السابق عمر البشير، بعد تصريح وزير الخارجية السوداني علي الصادق علي، على هامش المنتدى الدبلوماسي في أنطاليا مطلع الشهر الجاري، بأن “السلطات السودانية ليس لديها أي اعتراضات جوهرية على إنشاء قاعدة بحرية روسية في البلاد”.
تعبيد سياسي
التصريح السوداني الرسمي الذي خرج به الوزير علي من أنطاليا التركية، يحتمل التكهنات التي تقول إن هناك رؤية تركية حول العمل على قطع الطريق السوداني أمام واشنطن وتعبيدها أمام موسكو عبر التوافق بدخول روسيا إلى السودان نظراً للعلاقة القوية بين أردوغان وبوتين (الرئيس الروسي)، وبين أردوغان والسيسي في ذات السياق.
يشار إلى أن الاتفاقية تقضي بإقامة قاعدة عسكرية روسية في بورتسودان والاحتفاظ بها لمدة 25 عاماً، مع تمديد تلقائي لمدة 10 سنوات في حال لم يعترض أي من الجانبين، والقاعدة قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، وتستوعب ما يصل إلى 300 عسكري ومدني، والسماح لها باستقبال أربع سفن في وقت واحد حسب بنود الاتفاقية.
بالنتيجة، تبقى قضايا المنطقة رهينة التحالفات الدولية وتوازن القوى بينها ربما تحت مسمى “التقسيمات” بمعنى التفاهمات التي قد ينتج عنها أزمات جديدة تفتح أبواب استثمارات سياسية اقتصادية بين الدول المتصارعة وتضيّق الخناق على الشعوب المغلوب على أمرها!.