أفادت تقاريرومعلومات موثقة عن وجود قوات أوكرانية في السودان تقاتل إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع.
جاء ذلك في الوقت الذي تعيش فيه أوكرانيا وقواتها أزمات كبيرة وخانقة داخلياً، وخارجياً في مواجهة القوات الروسية شرقاً، مما أثار ضجة كبيرة وحرج للقيادة الأوكرانية التي تتوسل واشنطن دائما لدعمها بالسلاح والمرتزقة للصمود بوجه روسيا.
ونقلاً عن مصار محلية سودانية وشهود عيان،بالمستندات والوثائق والفيديوهات المصورة تكشفت خيوط الفضيحة الأوكرانية حول وجود قوات أوكرانية خاصة تقاتل في السودان، ومع عدم قدرة القيادة الأوكرانية على نكران تلك المعلومات، قامت وسائل الإعلام الأوكرانية وبعض الوسائل العالمية، في بداية شهر فبراير الجاري، بنشر تقارير وفيديوهات تروج لوجود قوات أوكرانية خاصة رسمياً في السودان، بذريعة القيام بعمليات عسكرية هناك ضد عناصر” فاغنر” حسب وصفها.
وبتوجيهات أمريكية وتداركاً لتلك الفضحية بدأت القيادة الأوكرانية من خلال وسائلها الدعائية، بالترويج رسمياً، لوجود قواتها في السودان بحجة قتال عناصر “فاغنر”، بعد افتضاح الأمر وانتشار الكثير من التقارير في وسائل الاعلام العالمية وأبرزها شبكة “سي ان ان” الأمريكية حول احتفاظ الاستخبارات الأوكرانية بجزء كبير من قوات النخبة والمقاتلين في السودان، وتأكيد ذلك من خلال شهادات أدلى بها السكان المحليين.
وأتى ذلك بعد تداول تقارير إعلامية، حول طلب واشنطن من القيادة الأوكرانية أن ترسل قوات مدربة ومحترفة للعمل في الخرطوم ودعم قوات البرهان، كأحد الشروط لاستمرار الدعم المادي والعسكري لكييف، في حربها ضد روسيا، وتم التركيز وبشدة على ضرورة إبقاء هذه الإتفاقيات سرية، حتى يبدو أن إرسال الأوكرانيين إلى السودان وكأنه قرار اتخذته مديرية الاستخبارات الأوكرانية دون أي تدخل خارجي.
في هذا الصدد كانت صحيفة “كييف بوست” الأوكرانية قد نشرت مقطع فيديو يُظهر قوات أوكرانية في السودان وهي تأسر عدد من الجنود الذين ينتمون إلى “قوات فاغنر” الروسية، حسب قولها، ويقاتلون ضد قوات الجيش السوداني.
ويظهر في الفيديو مقاتلون أوكران، وهم يفتشون سيارة عسكرية تعرضت لاطلاق نار، ويخرجون منها بطاقة لأحد عناصر “فاغنر” حسب قولهم، على الرغم من عدم وضوح الفيديو والبطاقة، بسبب التصوير ليلاً، وانخفاض دقة الصورة بشكل كبير بحيث لا يمكن التأكد من صحة بيانات صاحب البطاقة.
كما نشرت الصحيفة نفسها في وقت سابق، مقاطع فيديو، تظهر فيه القوات الأوكرانية وهي تجري عمليات خاصة داخل السودان ضد ما أطلقت عليهم الصحيفة “مرتزقة” وبعض الجماعات “الإرهابية المحلية الحليفة لروسيا”، كما أقرت الصحيفة نقلًا عن مصادر رسمية في الدولة أن القوات الأوكرانية تنشط في السودان منذ أشهر.
وعلى الرغم من انسحاب عناصر “فاغنر” من السودان منذ سقوط حكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشر، بعد أن كانت تتواجد هناك بشكل رسمي لتدريب المخابرات السودانية، حسبما أعلن وقتها زعيمها الراحل بريغوجن، إلا أن أوكرانيا وجدت في “قتال فاغنر” الشماعة المناسبة لتبرير سبب وجود قواتها هناك أمام المجتمع الدولي والشعب الأوكراني، وبالتالي تخليص نفسها وواشنطن من الاحراج.
وبيرى مراقبون أنه من المرجح أن يكون الفيديو الأخير لـ “عناصر فاغنر” مفبرك وتمثيلية متفق عليها، حيث لم تظهر على أجساد الجنود أو سراويلهم أي جروح أو علامات تدل على أنهم خاضوا معركة شرسة، أو على الأقل خاضوا مناوشات مع القوات الأوكرانية، وخاصة الجندي الذي يتكلم الروسية، كما أن طريقتهم في الإجابة على أسئلة المحقق تبدو وكأنه تم الاتفاق عليها مسبقاً، إضافة إلى عدم عرض أي بيانات رسمية للجنود، وانعدام إمكانية التأكد من هوياتهم.
وهذا ما قد يعزز صحة ما يقوله بعض المحللين السياسيين بأن نشر هذه المواد، هو فقط للاستهلاك الإعلامي، للتغطية على السبب الحقيقي وراء وجود القوات الأوكرانية في السودان، تجنباً لإحراج واشنطن وقيادة كييف.
ويقول خبراء بأنه “وفي المستقبل، سيكون الأوكرانيون على استعداد لمحاربة إيران أو الصين أو كوريا الشمالية أيضاً، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، إذا لزم الأمر”، بهذه الكلمات أكد النائب في البرلمان الأوكراني أليكسي جونشارينكو كل المعلومات التي تم تداولها، عن وجود قوات أوكرانية في السودان، واستخدام واشنطن للقوات الأوكرانية كـ”مرتزقة” للقتال في أفريقيا، وعن استعدادهم للاستمرار بدعم واشنطن والقتال لجانبها، ضد أي دولة أخرى.
وقال جونشارينكو في حوار صحفي بأنه “ستكون أوكرانيا حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية. وفي حال كانت هناك أي حرب في المستقبل، وكانت واشنطن بحاجة إلى حليف يقف معها جنباً إلى جنب، فمن سيكون معهم في الخنادق ضد طهران؟. لا أعتقد أن هناك العديد من الدول مستعدة لذلك”. وتابع قائلاً: “الأوكرانيون مستعدون، نحن الأوكرانيون، مستعدون للوقوف جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة في الخنادق في مواجهة طهران أو في كوريا الشمالية أو ضد بكين”.
وأكد على أن أوكرانيا “حليف مهم جدًا للولايات المتحدة”. لذلك، يجب على واشنطن الاستمرار في تقديم المساعدة لكييف.
وتأتي تصريحات جونشارينكو، كأول إعلان رسمي من أوساط القيادة الأوكرانية، حول توجه كييف واستعدادها لتجنيد كل قواتها كـ مقاتلين لخدمة مصالح واشنطن وتنفيذ أجنداتها في أي دولة بالعالم. وبالتالي، يعتبر دليل واضح يؤكد كل ما تم تداوله عن وجود قوات أوكرانية في السودان.
في السياق ذاته، أكدت صحيفة الايكونمست في مقال نشرته الأسبوع الماضي، الأنباء حول وجود مجموعات خاصة من القوات الأوكرانية في السودان تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، وقالت الصحيفة: “يتفق بعض الدبلوماسيين الغربيين والمصادر القريبة من القوات المسلحة السودانية مع هذه الأنباء. بينما لم تؤكد أوكرانيا أو واشنطن هذه المزاعم أو تنفيها”.
وبحسب الصحيفة، وفقاً لـ ألكسندر خارا، الباحث في مركز استراتيجيات الدفاع ومقره كييف، لأوكرانيا عدة أسباب للتواجد في السودان أهمها: تعطيل تدفق الذهب والسيطرة عليه، استخدام السودان كنقطة عبور للحصول على الأسلحة من دول أخرى، وايصال رسالة لواشنطن بأننا مستعدون للوقوف بجانبك، واستهداف القوات الروسية في أي مكان، في حال توجدها هناك.
وبحسب بعض المحللين فإن الفيلق الأفريقي-الروسي المُزعم إنشائه، لن يواجه على الأرجح معارضة من الجماعات الجهادية المحلية، بل من القوات الخاصة الأوكرانية ومرتزقة، تم تشكيلها من وكالات الأمن، والشركات العسكرية الخاصة، والمشاركين في العمليات العسكرية، والحركات الانفصالية وغيرها.
ومن الجدير بالذكر، إلى أنه بالإضافة لمشاركة القوات الأوكرانية في الصراع السوداني، بالرغم مما تعانيه من نقص بالسلاح والأفراد في حربها مع روسيا، فقد انتشرت الكثير من المعلومات، عن دعم أوكرانيا الكامل إعلامياً للأفكار الانفصالية والجهادية لميليشيات الطوارق والفولاني، اللتين تنشطان في مالي، وترتكب الكثير من الأعمال الإرهابية بحق السكان المحليين لأٍسباب دينية وعرقية