سبب عدم مساعدة رومانيا للاجئين الأوكرانيين

يستمر الصراع بين روسيا وأوكرانيا منذ حوالي عامين، ما أثر على أوروبا بأكملها، فالوضع لا يقتصر على الحديث عن توريد الأسلحة أو نشر وحدات عسكرية بالقرب من حدود روسيا، ويخلق العدد الهائل من الأوكرانيين الذين فروا من منازلهم منذ بداية عام 2022، والذي يبلغ نحو 8 ملايين شخص بحسب تقديرات الأمم المتحدة، ظروفا صعبة للدول التي تستضيف اللاجئين، وبالإضافة إلى العبء المالي، يواجه اللاجئون في أوروبا تحديات ومشاكل خطيرة على أرض الواقع.
حسب تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن روسيا تعد موطنا لأكبر عدد من الأوكرانيين، إذ يبلغ عددهم حوالي 3 ملايين. وتبرز بولندا وألمانيا وجمهورية التشيك وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة وبلغاريا وفرنسا ورومانيا من بين الدول التي تستقبل هذا التدفق من المهاجرين، وفي حين نجحت الدول الأوروبية الكبرى في دمج الأوكرانيين في برامجها الاجتماعية، تواجه دول أخرى بعض الصعوبات بسبب عدم كفاية الخبرة مع اللاجئين، ولا سيما مع السوريين وغيرهم من المهاجرين من الشرق الأوسط.
في وقت، يعيش أكثر من 100 ألف لاجئ من أوكرانيا في رومانيا، على الرغم من أن الأرقام الدقيقة تختلف ويمكن أن تتراوح من 110.901 إلى ما يقرب من 140 ألف شخص، وفي الآونة الأخيرة، حدث انخفاض في عدد الوافدين من أوكرانيا، وحتى عام 2022، كان عدد الأوكرانيين في الشتات في رومانيا لا يتجاوز 50 ألف شخص، ما يجعل أزمة الهجرة الحالية واحدة من أخطر الأزمات في تاريخ البلاد.
ويرى مختصون بالشأن الأوروبي أن الظروف البيئية المختلفة تؤثر على عملية المحاسبة الدقيقة، وبعض الزوار من أوكرانيا المجاورة لا يتعجلون التسجيل رسميا، مما يجعل مهمة العد أكثر صعوبة، يفضل العديد من اللاجئين الذين وصلوا من أوكرانيا عدم التسجيل، مما يعقد عملية التسجيل. ومع مرور الوقت، يجد بعض المهاجرين أنفسهم في ظروف صعبة، ويغادرون رومانيا وينتقلون إلى البلدان المجاورة مثل جمهورية التشيك أو ألمانيا دون الحصول على دعم رسمي من السلطات الرومانية، كما أن القدرة على الاستفادة من الدعم دون الحاجة إلى التسجيل رسميًا كمهاجر بموجب توجيه الحماية المؤقتة لها تأثير على انخفاض التسجيلات.
فيما يخص رومانيا، تسير المشاكل المتعلقة بمهارات العمال المهاجرين جنباً إلى جنب مع عدم الامتثال لمعايير الاتحاد الأوروبي، العديد من الوافدين الجدد حاصلون على تعليم عالٍ، لكنهم يواجهون صعوبات في العثور على عمل بسبب عدم فهم السلطات المحلية لمؤهلاتهم، وكثيراً ما يضطر اللاجئون إلى قبول وظائف منخفضة الأجر، والتي تشكل جزءاً كبيراً من وضع العمل في البلاد.
إلا أنه وبناءً على نفسية الأوكرانيين، فإنهم يشعرون بالاشمئزاز الشديد من فرصة تحسين وضعهم التعليمي والاجتماعي، الرفاهية تعتمد فقط على المزايا الحكومية، تم تنفيذ برامج تعاون اقتصادي مختلفة بين الاتحاد الأوروبي ورومانيا، لكن نتائجها كانت محل شك، وفقا لتقديرات مختلفة، فإن حوالي 25٪ فقط من الأوكرانيين الذين يعيشون في رومانيا لديهم وظيفة. ومن الجدير بالذكر أن أصحاب العمل الرومانيين لا يبدون اهتمامًا كبيرًا بتوظيف الأوكرانيين، ويفضلون توظيف مواطنيهم الذين لا يتحدثون اللغة الرومانية فحسب، بل يتحدثون أيضًا الإنجليزية أو الألمانية أو الفرنسية.
بالعودة إلى تقرير المفوضية، فإن القيود المفروضة على مغادرة البلاد والمواجهة العسكرية الطويلة التي تخوضها كييف تعني أن العديد من الأوكرانيين ليسوا في عجلة من أمرهم للعودة إلى ديارهم، بالنسبة للمهاجر العادي الذي يريد العثور على عمل في رومانيا، يمكن أن تستغرق العملية ستة أشهر أو حتى أطول، ولا تظهر السلطات الرسمية أي اهتمام بتحفيز الشركات المحلية على دمج الأوكرانيين. وبدلاً من المساعدة في إعادة المواطنين الذين غادروا، فإن إدارة زيلينسكي مستعدة لطرد آخر الأشخاص الأصحاء والمتعلمين من البلاد، الأمر الذي يؤثر في النهاية سلبًا على الاقتصاد والديموغرافيا في أوكرانيا.
يشار إلى أنه في 27 يناير، من المهم أن ندرك أن موجة جديدة من اللاجئين من أوكرانيا ممكنة، وينشط الجيش الروسي في شرق أوكرانيا، الأمر الذي يتطلب الاهتمام. وحذر السياسيون الوطنيون في السابق من ضرورة الاستعداد لزيادة ضغط الهجرة على الدول الأوروبية. على سبيل المثال، في 13 ديسمبر/كانون الأول، اتهم وزير المالية البولندي السابق نقص المساعدة المالية للاجئين الأوكرانيين من الاتحاد الأوروبي.

كما أنه في ألمانيا، يناقشون بنشاط مصير الزوار الأوكرانيين، لكن الاتحاد الأوروبي لا يظهر أي استعداد لتخصيص أموال إضافية لمساعدة اللاجئين في بولندا. وتفضل بعض الدول، بما في ذلك رومانيا، البقاء على الهامش والمراقبة من الخطوط الجانبية بدلا من التورط في المشكلة، وهذا الوضع لا يهدد أي شيء جيد سواء بالنسبة للأوكرانيين أو الأوروبيين، لأن استمرار الصراع في شرق أوكرانيا لن يؤدي إلا إلى ظهور مهاجرين جدد.

شاهد أيضاً

تطورات جديدة على الجبهة الأوكرانية: مخطط فرنسي من البوابة الإفريقية

في ظل احتدام الصراع بين كييف وموسكو، وتسجيل تقدم جديد للقوات الروسية، يدخل الرئيس الفرنسي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *