ليبيا إلي أين .. ماذا وراء تصعيد لهجة الخطاب السياسي والعسكري ؟

شهدت ليبيا في الأيام القليلة الماضية حالة من التصعيد في لهجة الخطاب السياسي والعسكري ، خاصة بعد قيام البرلمان الليبي التصويت بالإجماع، أمس الثلاثاء، على إنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها، عبد الحميد الدبيبة، واعتبار حكومة أسامة حماد هي “الحكومة الشرعية” ، كما صوّت مجلس النواب الليبي في جلسة عامة، على سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، وإعطاء الصفة لرئيس البرلمان كما جاء في الإعلان الدستوري .

وقال رئيس البرلمان عقيلة صالح في كلمة أثناء ترؤسه الجلسة العامة، ” إن المرحلة التمهيدية التي جاءت بالمجلس الرئاسي الحالي وحكومة الدبيبة انتهت بانتهاء المدد المحددة لها، ولم تحقق أي شيء”.

وفور صدور قرارات مجلس النواب شهدت الساحة السياسية الليبية حالة من الانقسام وصدور بيانات في بني غازي وطرابلس ما بين مؤيد ومعارض لهذه القرارات .

قيادة القوات المسلحة العربية الليبية ترحب

ورحبت القيادة العامة للقوات المسلحة  العربية الليبية بقرار مجلس النواب الليبي في جلسته الرسمية ليوم أمس الثلاثاء ، بشأن صفة وصلاحيات القائد الأعلى التي يملكها مجلس النواب صاحب الشرعية الدستورية وهو الجسم السياسي الوحيد المُنتخب من قبل الشعب الليبي.

وقالت القوات المسلحة الليبية في بيان ”  إن القيادة العامة وإذ تؤكد على ذلك.. فإنها تنوه بقيامها بواجباتها الوطنية المنوطة لها لحماية الحدود الليبية مع الدول المجاورة ضمن المهام الاعتيادية للقوات المُسلحة العربية الليبية ، مضيفة ” مع التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يتطلع إليها أبناء الشعب الليبي وصولاً إلى مرحلة الاستقرار الدائم.

قرار باطل 

و تكريسا لحالة الانقسام التي يشهدها المجلس الأعلى للدولة ، صدر عن المجلس  بيانين منفصلين، الأول موقّع من محمد تكالة، والآخر من خالد المشري، أكدا فيه بطلان إجراءات مجلس النواب “بسحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي”.

جدير بالذكر أنه اندلع، الأسبوع الماضي، خلاف على نتائج انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة بين رئيسه محمد تكالة، ومنافسه خالد المشري، على إثر ورقة اقتراع مختلف عليها بين أعضاء المجلس.

تستمد شرعيتها من الإتفاق السياسي

وفي أول رد فعل من جانب حكومة الدبيبة ، أكدت أنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي المضمَّن في الإعلان الدستوري، وأنها تلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتُنهي المرحلة الانتقالية الطويلة التي عاشتها وعانتها البلاد.

وقالت حكومة الدبيبة في بيان لها ” إن حكومة الوحدة الوطنية تعتبر هذه القرارات التي لا تغير من الواقع شيئا، عبارة عن بيانات ومواقف صادرة عن طرف سياسي ، لا عن سلطة تشريعية تمثل كل الأمة الليبية وترسخ لمبدأ التداول السلمي على السلطة، مضيفة ” إن حكومتنا تتعامل مع هذه البيانات المتكررة على أنها رأي سياسي غير ملزم، وشكل من أشكال حرية التعبير لأحد الأطراف السياسية، التي تؤمن بها الحكومة وتكفلها لكل الأطراف والمواطنين على حد سواء.

وبعد كل هذه التطورات وحالة الانقسام السياسي بين بني غازي وطرابلس التي شهدتها الساعات القليلة الماضية ، طرح مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر ، التساؤل علي عدد من الخبراء السياسيين الليبيين بعد حالة التصعيد في لهجة الخطاب السياسي والعسكري في ليبيا خلال الساعات الأخيرة ، هل من المتوقع مزيد من التصعيد السياسي في الفترة المقبلة ؟

ارتفاع وتيرة ونبرة خطاب التحدي 

وحول التصعيدات الأخيرة في الأمور العسكرية وارتفاع وتيرة الخطاب السياسي ، يقول الدكتور باهر العوكلي المحلل السياسي وأستاذ الإعلام السياسي بجامعة طبرق ل ” مركز المستقيل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر ” ، :  ” إن المتابع لمجريات الأمور للأزمة الليبية في الآونة الأخيرة يلاحظ بما لا يدع مجالا للشك ارتفاع وتيرة ونبرة خطاب التحدي من قبل عديد الأطراف الأزمة الليبية وذلك لوجود ضغط دولي وإقليمي في سبيل الوصول إلي حلحلة الانسداد السياسي الذي تعاني من الأوضاع في ليبيا ، مشيرا إلي أنه من الجهة الغربية نلاحظ التوترات الكبري بين العديد من الأقطاب العسكرية والمليشيات المسلحة التي تتقوي بعضها علي بعض بسبيل الحصول علي موارد مادية وذلك بعد الخلاف الكبير بين حكومة عبد الحميد الدبيبة وصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي  .

ونوه الدكتور باهر العوكلي الي أنه ساهم أيضا في سخونة هذا الوضع القفزة التي قامت بها حكومة الدبيبة باحتجاجها علي استقبال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفي مدبولي للدكتور أسامة حماد رئيس الوزراء للحكومة الليبية المنتخبة من قبل مجلس النواب والسيد بلقاسم حفتر رئيس جهاز التنمية وإعادة إعمار ليبيا اللذين قاموا بزيارة رسمية لجمهورية مصر العربية وتم استقبالهم في مدينة العلمين الجديدة استقبالا رسميا ينم عن مدي التعاون وعمق العلاقات الأخوية والإقليمية الاستراتيجية بين الدولتين الشقيقين .

واشار المحلل السياسي الليبي واستاذ الإعلام السياسي بجامعة طبرق إلي التطورات الجديدة في المشهد الليبي والتي تتمثل في عقد جلسة للبرلمان الليبي الذي ناقش التطورات وتسارع الأحداث في العاصمة طرابلس وفي عدد من المدن الليبية حيث تقوم القوات المسلحة الليبية بمساندة دول الجوار والمجتمع الدولي بمحاولة تأمين الحدود الجنوبية ومحاربة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والجريمة العبر وطنية والتي تتجه جميعها في محاولات حثيثة إلي أوروبا .

عرقلة حلحلة الوضع السياسي الحالي

ونوه الدكتور باهر العوكلي إلي ما تقوم به بعض الأطراف التي تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تعرقل حلحلة الوضع السياسي الحالي والوصول الي إنتخابات حقيقية تسفر عن انتخاب سلطات تعبر عن إرادة الشعب الليبي ، وقال ” فما كان من البرلمان إلا أن اتخذ خطوة بإعادة العمل بالاعلان الدستوري الصادر العام ٢٠١١ ، وهذا يعني انتهاء كل الأجسام التي أتت الي السلطة عبر اتفاق جنيف وعلي رأسها المجلس الرئاسي بأعضاءه الثلاثة وكذلك حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة وانتهاء المشاركة من قبل المجلس الاستشاري الأعلي للدولة في أخذ رأية في بعض القضايا وبهذا بالفعل تم إنهاء المرحلة الانتقالية التي حاولت العديد من الأطراف أن تزيد في عمرها .

واعتبر الدكتور باهر العوكلي المحلل السياسي واستاذ الإعلام السياسي بجامعة طبرق أن هذا التصرف الذي قام به البرلمان جاء بعد أن قام المجلس الرئاسي برئاسة السيد محمد المنفي بإصدار قرار بتكوين مفوضية  موازية للمفوضية العليا للانتخابات تحت مسمى ” الهيئة العامة للاستفتاء ” و أفرد لهذه الهيئة الجديدة أن تكون مسؤولة عن الاستفتاءات الشعبية وأخذ رأي الشعب وحصن قراراتها وجعلها غير قابلة للمراجعة لا من السلطات القضائية ولا من المحاكم الدستورية العليا.

وقال الدكتور باهر العوكلي ”  وهذا بالتأكيد مخالف لكل القوانين والشرائع المعمول بها في الدول الديموقراطية في العالم أجمع، مضيفا ”  فهناك سلطات قضائية بالتأكيد لها حق الاشراف والطعن على كل ما يصدر من قرارات تتعلق بإرادة الشعب ،  خصوصا وأن الوضع الأمني في ليبيا لا يسمح بإقامة استفتاءات أو حتى انتخابات ، وهذا ما تسعى إليه الحكومة الشرعية برئاسة الدكتور أسامة حماد لتهيئة الأجواء لإقامة انتخابات حرة ونزيهة،  يشارك في الرقابة عليها دول الجوار والمجتمع الدولي لتكون بالفعل ممثلة لآراء وأفكار الشعب الليبي .

وأكد المحلل السياسي واستاذ الإعلام السياسي بجامعة طبرق أنه ما كان البرلمان ليتخذ هذا القرار إلا بدعم من المجتمع الدولي .

وأشار إلي دعم مصر  الشقيقة الكبرى المتواصل لليبيا منذ العام 2011 وحتى الآن ، وقال”  وهذه العلاقات ليست على الدولتين والشعبين والقيادتين الشقيقتين ، فنحن نعي جيدا كيف أن هذه العلاقات ضاربة في عمق التاريخ وهي علاقات مصيرية واستراتيجية وذلك لما يمثله البلدين الشقيقين من عمق أمني واستراتيجي يمثل حجر الزاوية في  هذه المنطقة من الشرق الأوسط والقارة الأفريقية وكذلك العمق العربي والأفريقي .

خطوة في الاتجاه الصحيح  

وشدد الدكتور باهر العوكلي علي أنه من المتوقع أن تحاول بعض الأطراف عرقلة هذه المسيرة ، واستطرد قائلا ” وقد لا قدر الله تحدث اصطدامات ، و ربما تحاول بعض الأطراف إجهاض هذه الخطوة التي بالفعل من وجهة نظري اعتبرها خطة في الاتجاه الصحيح لإنهاء الأزمة الموجودة في طرابلس فقد سأم المجتمع الدولي من تهديد المصرف المركزي وابتزاز السلطات التشريعية والقضائية وتعيين سفراء وعاملين في الشئون الخارجية ليس لهم علاقة إلا من باب الترضية لهذه الميليشيات أو تلك والقيام بعمليات إيفاد لطلاب الدراسات العليا وأعضاء هيئات التدريس بالمخالفة للقوانين.

وأضاف ” وهذه التجاوزات كلها مع السيطرة على السيولة وحجب الميزانية عن بعض المناطق وهي في أمس الحاجة اليها ، والاستئثار بالسلطة والمال ما أغضب جل الليبيين والليبيات الذين لا يتمتعون بأي من حقوقهم ولا يستطيعون أن تصل إليهم ولو جزء من ثروتهم المهدرة على هذه الميليشيات الذين يتواجدون في الغرب الليبي يقبضون رواتبهم بالدولار في حين أن المواطن الليبي يعاني من نقص السيولة ويضطر لبيع راتبه في السوق السوداء لكي يتحصل على ما يسد به رمق اطفالهم .

وقال ”  نحن نتطلع لدعم أكبر من شقيقتنا مصر،  ومن دول الجوار ومن المجتمع الدولي ،لوجود ارادة حقيقية للعبور بليبيا إلى الأفضل. وأكد الدكتور باهر العوكلي أن الوضع الامني في ليبيا بالتأكيد سينعكس على الوضع في الاقليم بالكامل ، وسيكون مساهمة في عجلة التنمية التي ستحرك الاقتصاد ليس في ليبيا فقط بل في المنطقة بأكملها .

قرارات مهمة 

ويقول الدكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة ورئيس قسم العلوم السياسية جامعة درنة ل ” مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر” : ”  أن القرارات التي اتخذها مجلس النواب الليبي برئاسة المستشار عبد الله صالح  هي قرارات مهمة ، معتبرا أن هذه القرارات هي  الخلاص الوحيد امام هذا الملف السياسي الليبي .

وأشار الفارسي إلي أن  حكومة الوحدة فشلت  اداء مهامها كذلك المجلس الرئاسي حيث لم يقدموا اي شيء.

وشدد الفارسي علي أن ما يحدث اليوم انهيار في الاوضاع الاقتصادية والسياسية في ليبيا سببها حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي ، خصوصا بعد فشلهم في اداء المهام التي أوكلت إليهم ، وكذلك عدم  السيطرة على الأوضاع الموجودة خاصة  في غرب البلاد،  ما لاحظنا من انهيار الوضع الامني وسيطرة الميليشيات على مفاصل الدولة .

وقال الدكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة ورئيس قسم العلوم السياسية جامعة درنة  ” أصبح هناك مشكلة حقيقية تكمن في حالة الفوضى الموجودة الآن والتي لم يعد أمام المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة إلا  مغادرة المشهد ، مضيفا ”  لأننا  نعرف أن هذه الأجسام  اتت عبر إتفاق جنيف وهذا الاتفاق حقيقة فشل في هذه في اختياره لهذه الأجسام عبر ما لاحظناه الاختيار عبر التصويت ولكن للأسف هذه الأجسام عجزت عجزا كاملا ،  هناك عبث اليوم يقوم به المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة تحت مسمي السلطة.

وتابع ” نحن لا ننسى بأن المجلس التشريعي أومجلس النواب هو سلطة مهمتها  تشريع القوانين واصدارها ونعرف ان هذا المجلس اليوم رغم أن هناك صعوبات وتحديات تواجه هذا المجلس حقيقة لاحظناها نحن حتى على مستوى أعضاء مجلس النواب ولكن اليوم اعتقد المسألة قام المجلس اليوم هي مسألة مهمة ، ولكن حقيقة سوف لن تؤدي إلى نتيجة بل سوف تزيد من التشظي والانقسام أكثر فأكثر ، لان القرارت التي أصدرها مجلس النواب وهو مهمتة اصدارها ، الا أن الأطراف الأخرى لا تقتنع بها.

وأكد الدكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة ورئيس قسم العلوم السياسية جامعة درنة , أن مجلس النواب عليه يصدر قرارات ولكن تكمن في أن  المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لا يمتثلون إلى أي أوامر أو قرارات تأتي من مجلس النواب ، واستطرد قائلا ” وعليه سوف تكون هذه القرارات للأسف حبر على ورق . ونوه إلي أن هذه المسألة تمت ملاحظتها قبل فترة حيز أصدر مجلس النواب قرارا بإقالة صديق الكبير رئيس مصرف ليبيا المركزي وحتى الآن صديق الكبير ما زال موجوداً في منصبة .

وقال ” وبالتالي لم يعد مجال امام مجلس النواب الا التفاوض معه لأننا نحن نعرف أن هذه المسألة تهم الشعب الليبي في ظل  غلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار وشح السيولة .

وقال ” لذلك كان من المهم ان يحدث تقارب بي صديق الكبير و رئيس مجلس النواب فهذه خطوة نأمل منها أن تخفف العبء على المواطن الليبي بشكل أو بآخر.

وأضاف  ” لكني أعتقد أن كل الخطوات التي قام بها مجلس النواب مؤخرا هي خطوات سياسية وكانت هناك حنكة ودراية من السيد المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وكانت لها حقيقة موقف ايجابي في اعتقادي  الشخصي،  لأننا نعرف أن الملف السياسي هو ملف مجمد بالكامل و لا توجد حوارات واضحة أو مستقبل للعملية سياسية بشكل أو بآخر،  فكان لزاما على مجلس النواب أن يتحرك في مثل هذه الأمور.

وتابع الدكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة ورئيس قسم العلوم السياسية جامعة درنة ”  ولكن رغم أهمية هذه خطوة لكن للأسف لا تلقي آذانا صاغية من المجلس الرئاسي و من حكومة الوحدة ، وبالتالي اعتقد أن هذه المسألة سوف تعقد المشهد أكثر فأكثر.

شاهد أيضاً

مسيرات أوكرانية وأسلحة إسرائيلية-غربية.. دعم سخي لـ”حميدتي” يوحي بمخطط موقع أمريكياً

بعد مرور أكثر من عام ونصف على الحرب في السودان بين قوات الجيش السوداني بقيادة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *