بات المشهد السياسي في ليبيا يتجه إلي مزيد من التعقيد بعد ما يمكن أن يطلق عليه حرب ” القرارات المتضاربة ” بين بني غازي وطرابلس وذلك نتيجة لزيادة حالة التوتر بشأن السيطرة على المصرف المركزي الليبي بعد إصدار رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، قرارا باستبدال محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، ومجلس الإدارة، وهي الخطوة التي رفضها البرلمان الليبي برئاسية عقيله صالح .
وبشكل مفاجئ أعلن رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد الاثنين، حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية وإيقاف إنتاج وتصدير النفط إلى حين إشعار آخر، على خلفية التطورات بشأن مصرف ليبيا المركزي
وقالت حكومة حماد في بيان، ” إنها تتابع ببالغ الأهمية تكرر الاعتداءات على قيادات وموظفي وإدارات مصرف ليبيا المركزي من قبل مجموعات خارجة عن القانون , مضيفه “انطلاقا من واقع المسؤولية القانونية والاجتماعية في حفظ وصيانة المال العام، والحفاظ على ثروات الليبيين وأموالهم واحتياطياتهم لدى مصرف ليبيا المركزي، وما سيتم من تحصيله من إيرادات النفط من الوقوع تحت تصرف ثلة خارج عن الشرعية، تستهدف الاستحواذ عليه، فقد قررت حكومة البرلمان الليبي إعلان حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية وتوقف إنتاج وتصدير النفط حتى إشعار آخر”.
وبعد ساعات أعلنت شركتا الواحة للنفط، وسرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز، اليوم الإثنين، عن بدء تخفيض إنتاج النفط والغاز تدريجيا بسبب الضغوط التي يتعرضان لها.
وقالت شركة سرت ” إنه نتيجة استمرار الاحتجاجات والضغوط التي تطالب بإيقاف إنتاج النفط، فإن شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز ستبدأ في التخفيض التدريجي للإنتاج، وتطالب الجهات المختصة بالتدخل للمحافظة على استمرار إنتاج النفط.
من جانبها حذرت شركة الواحة للنفط من أن استمرار الاحتجاجات والضغوط سيؤدي إلى إيقاف إنتاج النفط، وأن الشركة ستبدأ في التخفيض التدريجي للإنتاج وتطالب الجهات المختصة بالتدخل للمحافظة على استمرار إنتاج النفط.
نتيجة للضراع علي المصرف المركزي
الدكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة ورئيس قسم العلوم السياسية جامعة درنة يؤكد أن قرار حكومة أسامة حماد الليبية جاء نتيجة الصراع علي المصرف المركزي , مشيرا الي أن حكومة حماد مسيطرة علي الشرق والجنوب وهي تتابع تنفيذ البرامج والخدمات في الشرق والجنوب الليبي .
وقال الخبير السياسي الليبي في تصريحات خاصة لـ ” مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر “ : أن حكومة حماد أقدمت علي تلك الخطوة بعد مطالبات شعبية في مناطق الشرق والجنوب بإغلاق النفط وذلك لعدم استفادتهم منه , مضيفا ” اليوم هناك صراع في المركز وهذا يشكل خطرا اذا سيطرت علي النفط الميليشيات التي تسترزق من هذا النفط .
واعتبر أن قرار حكومة حماد كان صائبا وجاء في وقته حيث يعاني المواطنين الليبيين من نقص السيولة ومن ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار السلع , وقال ” وبالتالي اليوم اصبح المواطن الليبي لا تستفيد من هذا المصرف الذي اليوم بفضل جهود الجيش الذي امن في حقول النفط والانتاج يتزايد وينتعش الاقتصاد , ولكن للاسف هذه الجماعات والميليشيات افسدت المشهد بالكامل .
واضاف ” لقد رأينا اليوم محاولات من سلطات غير شرعية لتمكين سلطات ليس لها صلاحيات لاقالة او تعيين صديق الكبير .. وبالتالي اليوم هناك مشكلة كبيرة في هذا الامر .. فحكومة الوحدة متحالفين على ايقاف كبير ورغم انه ليس من صلاحياتهم هذا الأمر , الذي يعتبر من صلاحيات مجلس النواب سواء فيما يتعلق بإقالة أو تعيين المسؤولين.
واعتبر أن محاولات اقالة صديق الكبير ترجع لانه لم يمنح لهم الاموال , مشيرا إلي صديق الكبير يقوم بتنفيذ سياسات تقشفيه نتيجة عجز الموازنة العامة.
وقال ” وبالتالي هذا الأمر جاء من أطراف أخرى في طرابلس غرب كالميليشيات التي تتحالف مع حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي , مضيفا ” أن هناك تحالفا كبيرا بين المجلس الرئاسية وحكومة الدبيبة ضد صديق الكبير الذي لم يمنحهم الأموال مثلما اشرت سابقا .
وفي رده علي سؤال حول ما اذا كان قرار حكومة أسامة حماد بوقف انتاج النفط سيعقد المشهد بين بني غازي وطرابلس , قال الدكتور يوسف الفارسي رئيس حزب ليبيا الكرامة ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة , ” نعم سوف يعقد المشهد ولكن قرار المجلس الرئاسي حبر على ورق .
جدير بالذكر أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) دعت إلى التهدئة وخفض التوتر في العاصمة الليبية طرابلس، معربة عن قلقها البالغ إزاء التهديد باستخدام القوة لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي.
ودعت بعثة (أونسميل) – بشكل فوري – إلى التهدئة وخفض التوتر وضبط النفس، مؤكدة أنه لا مناص عن الحوار كحل وحيد لجميع القضايا الخلافية، وذكرت البعثة أنها تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة بشأن المصرف المركزي.
وأكدت البعث الأممية أن استعراض القوة العسكرية والمواجهات المسلحة في الأحياء المأهولة بالسكان؛ أمر غير مقبول ويهدد حياة وأمن وسكينة المدنيين , وقالت ” إن هذه التحركات لا يمكن أن تُنتج حلا مقبولا أو عمليا للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده، وإن فيها سببا إضافيا يفاقم الأزمة ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي.
وكانت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري قد ذكرت – أمام مجلس الأمن مؤخرا – أن الأفعال أحادية الجانب من قبل الجهات السياسية والعسكرية والأمنية الليبية؛ تؤدي إلى زيادة التوتر وترسيخ الانقسامات المؤسسية والسياسية؛ وتعقيد الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي تفاوضي ، مشدده على أن الإجراءات الأحادية من قِبل الشخصيات السياسية والأمنية تقوض الاستقرار.