في الشهور الأخيرة زادت إيطاليا من تحركاتها الدبلوماسية والسياسية في ليبيا , في محاولة اعتبرها كثير من المراقبين أنها محاولة من جانب روما لتعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري في منطقة كانت تعتبرها في السابق إحدي مناطق نفوذها في القارة الأفريقية بالنظر لكون ليبيا هي الدول الوحيدة التي رضخت تحت نير الإستعمار الإيطالي .
وسبق أن قامت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ليبيا خلال العام 2023 مرتين , وقعت خلالهما اتفاقية غاز ضخمة مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لتطرح التحركات الإيطالية في ليبيا التساؤلات حول ما إذا كانت روما تهدف من وراءها أن تلعب دورا في تحقيق الاستقرار في ليبيا أم أنها محاولة إيطاليه الهدف تعويض صادرات النفط الروسي نحو أوروبا؟ .
![الدكتور باهر العوكلي استاذ الاعلام في جامعة طبرق](https://i0.wp.com/fcssr.com/wp-content/uploads/2024/09/photo_2024-09-18_18-10-59.jpg?resize=300%2C169)
وفي معرض حديثه أشار الأكاديمي الليبي الدكتور باهر العوكلي استاذ الاعلام في جامعة طبرق في رده على سؤال حول إيطاليا في ليبيا , إلي أن الدور الايطالي في ليبيا يمثل أحد الزوايا الكبرى في موازين القوى بين الدول الغربية في ليبيا على اعتبار أن إيطاليا شريك استراتيجي سابق للدولة الليبية , ولها العديد من المصالح الحيوية , ليس أهمها على الأطلاق خط الغاز الممتد من مليتة شرقا الى السواحل الايطالية , والذي يعد الشريان الحيوي للطاقة في ايطاليا.
وقال العوكلي في تصريحات خاصة لـ “ مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية وتقييم المخاطر : ” ولذلك إيطاليا بالفعل حريصة علي أن يكون لها موطئ قدم ودور في مجريات الأمور في ليبيا , وذلك حرصا على مصالحها الحيوية.
وأشار الدكتور باهرالعوكلي إلي أن الساسة الإيطاليين يروا في ليبيا منطقة نفوذ طبيعية على اعتبار أن ايطاليا هي الدولة التي استعمرت ليبيا سابقا , واستطرد قائلا ” ولذلك الدوري الايطالي موجود وإن كان غير بناء و ينحاز لطرف دون طرف نتيجة لمراعاة مصالحهم , ولا يوجد حتى الآن في الأفق شيء مؤكد على أن السلطة الحالية في إيطاليا لها رغبة في حل الازمة الليبية.
وفي ردا على سؤالي حول التحركات الايطالية في الآونة الاخيرة , أكد الأكاديمي الليبي الدكتور باهر العوكلي أنه بالفعل ايطاليا ترغب في تعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري في ليبيا لتعويض صادرات النفط الروسي التي كانت تمثل نسبة كبيرة من احتياجات اوروبا للطاقة في فصل الشتاء , والذي من المتوقع لهذه السنة أن يكون فصلا شديد البرودة , وأن تحتاج اوروبا الى امدادات كثيرة جدا لتغطي العجز الناتج من ايقاف التعامل مع روسيا , وأيضا مع إيران.
وقال الدكتور باهر العوكلي ” لا شك بأن ايطاليا ترغب في أن يكون لها قوة , وأن يكون لها الحصة الأكبر من الصادرات الليبية , مضيفا ” وهذا أصلا متحقق يعني من خلال المصافي الليبية الموجودة في ايطاليا وخط الغاز وغيرها .
وتابع قائلا ” لكن لازالت إيطاليا ترنو بعين الطمع الى الثروات النفطية والغاز الليبي الذي ما زال بكرا وفي طور الاكتشافات وتحاول أيضا استغلال الانقسام السياسي في عقد اتفاقيات مع الحكومة الغير معترف بها من البرلمان في طرابلس وذلك في محاولة منها لتعزيز مكاسبها وأيضا المساهمة في عمليات الإعمار التي تجري في الشرق الليبي.
وفي رده علي سؤال حول هل هذا الدور الايطالي في ليبيا يدفع الامور للمزيد من التعقيد ؟ , قال الأكاديمي الليبي الدكتور باهر العوكلي استاذ الاعلام في جامعة طبرق , ” نعم بالفعل فهناك بعض الأطراف في ليبيا ترى بأن إيطاليا دولة استعمارية ولا ينبغي أن يكون لها نفوذ كبير في ليبيا على اعتبار أن الشعب الليبي كله شعب لديه ثأرات مع هذه القوة الاستعمارية التي أقامت أكبر المعتقلات في التاريخ لشعب في العالم وهي معتقلات البريقة والعقيلة التي تم اعتقال قبائل ليبية بالكامل فيها وأهمها قبيلة العبيدات التي فقدت أكثر من ثلثي تعدادها في تلك المعتقلات نتيجة سوء المعاملة وانتهاك حقوق الانسان.
وأشار إلي أن بعض الساسة يؤكدون على أن ليبيا لن ترضى أبدا أن ترضخ مرة أخرى تحت الاستعمار الإيطالي , لافتا إلي أن المصالح الليبية الايطالية متمثلة في المناطق المشاطئة لايطاليا في الغرب الليبي , ولذلك تحاول من خلال تعزيز عملياتها في البحر المتوسط وقيادتها للعملية العسكرية المسمى ” آيا صوفيا “للحد من الهجرة غير الشرعية وقوافل الموت التي تندفع كل سنة من وسط أفريقيا إلي ايطاليا عبر السواحل الليبية , وهذه التجارة غير الشرعية تمسل دخلا كبير للعصابات والميليشيات في ليبيا التي تحميها بقوة السلاح وتشرعنها بانتمائها لبعض الأجهزة الكرتونية الموجودة في طرابلس , وتأخذ شرعيتها من الفوضى الموجودة.
واستطرد قائلا ” وايضا لايطاليا دعنا نقول دور سلبي في قضية مصرف ليبيا المركزي فهي تعزز وجود طرف على حساب طرف آخر , في محاولة منها لزيادة وتعظيم الفائدة المظافة والمكاسب التي تحصل عليها من الأزمة الليبية.
المتنفس
![الدكتور يوسف الفارسي أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة درنه](https://i0.wp.com/fcssr.com/wp-content/uploads/2024/09/photo_2024-09-18_18-10-49.jpg?resize=300%2C158)
ويؤكد الدكتور يوسف الفارسي أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة درنه رئيس حزب ليبيا الكرامة , أن تحركات ايطاليا هي مهمة وخصوصا في الجانب الاقتصادي وخصوصا ملف الطاقة والغاز , لأن ايطاليا عبر شركة إيني لديها استثمارات كبيرة داخل ليبيا , في قطاع النفط وهي تريد أن تحافظ عليها .
وقال الفارسي لـ ” مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر “ : ” إن ليبيا تعتبر اليوم المستنفس الوحيد لإيطاليا في مجال النفط حيث تحاول روما تعويض النقص في إمدادات البترول الذي حدث بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وصراع النفط ما بين روسيا والدول الأوروبية .
ونوه الدكتور يوسف الفارسي إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تتبع بإيطاليا في هذا الجانب الجانب النفطي وتحاول واشنطن ان تدعم النفوذ الأوروبي داخل هذه الدول وخصوصا في مجال النفط الذي ازادت أهميته خاصة في ظل عجز الامدادات والصادرات حتى داخل ليبيا , لافتا في هذا الصدد إلي تأثر الصادرات الليبية من النفط بسبب الاغلاق الذي حدث لحقول النفط , وهذا الاغلاق يؤثر على أوروبا بشكل كامل .
وأشار إلي أن إيطاليا تحاول أن يكون لها موضع قدم خصوصا في ليبيا وفي شرق البلاد عبر حقول النفطية وفي غرب البلاد عبر محاولة تقليص وحجب دور الميليشيات خصوصا في ملف الهجرة غير الشرعية .
وذكر الدكتور يوسف الفارسي إلي أن إيطاليا تحاول من خلال التوافق أو التواصل , مع أطراف داخل ليبيا من اجل تجفيف منابع الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تؤثر على على إيطاليا بجانب موضوع النفط .
وقال المحلل السياسي الليبي ” أن مسألة التوسع الايطالي في الغرب الليبي هي مسألة اصلا بديهية معروفة يعني لأن ايطاليا تحاول أن تحتوي الميليشيات الغرب وتحاول حتى تضغط عليها باتجاه عدم تصدير المهاجرين لإيطاليا باعتبار أن ليبيا بوابة العبور الى اوروبا.