تساؤلات عدة وعائق جديد أمام الوحدة الليبية؟

أكدت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) في 11 أكتوبر الحالي على “ضرورة كسر الجمود السياسي في ليبيا وتعزيز عملية سياسية شاملة”، مشيرة إلى أن “الشعب الليبي يتطلع إلى الاستقرار وتوحيد المؤسسات وإجراء انتخابات وطنية”، مؤكدة الحاجة إلى النأي عن الإجراءات الأحادية التي تعرقل العملية السياسية”.

كما تحدثت المسؤولة الأممية خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة، عن “التحديات الماثلة أمام المصالحة الوطنية”، حيث قالت بأنها “مهمة للغاية بالنسبة لليبيين”، داعية إلى “إطار قانوني للعدالة الانتقالية، مع ضرورة التركيز على الضحايا”.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ستيفاني خوري، كانت قد قدمت إحاطتها الثالثة أمام مجلس الأمن حول الأوضاع في ليبيا، وذلك في التاسع من أكتوبر الحالي. وأكدت خلال تلك الإحاطة على أن “الوضع المتأزم في ليبيا استمر لوقت طويل وأزمة المصرف المركزي كشفت الطبيعة الهشة للعملية السياسية في ليبيا”، مشيرة إلى أن “البعثة الأممية والمجتمع الدولي يعملان معاً من أجل حل يعالج قضايا مثل الانقسام الحالي داخل مؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية عن طريق الانتخابات”.

فيما صرح ممثل الولايات المتحدة الأمريكية لدى مجلس الامن خلال الحديث عن معالجة عدد من القضايا العالقة في ليبيا، في الجلسة نفسها بأن “بلاده تقوم بدراسة طلب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، المتمثل في الحصول على مساعدات دولية لمكافحة آفة الهجرة غير الشرعية وتأمين ليبيا”، مؤكداً بأن “واشنطن على أتم الاستعداد لتقديم يد العون”.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن رئيس المجلس الرئاسي الليبي وخلال كلمته في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك آواخر الشهر الماضي، تقدّم بطلب للمجتمع الدولي للتعاون لـ”إنشاء مراكز أمنية لتنسيق الجهود بين مختلف القوى الأمنية الوطنية ودول الجوار”. وجاء ذلك بعدما تقدم برسالة مؤرخة بتاريخ 19 سبتمبر إلى رئيس مجلس الأمن عبر الممثل الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة، طاهر السني.

وتجدر الملاحظة هنا ووفق التقارير الإعلامية والصحافية بأن الرد الأمريكي السريع على طلب المنفي بإنشاء مراكز أمنية، قد أثار جدلاً واسعاً على المستوى المحلي والدولي.

ونوّهت التقارير الإعلامية والخبراء المراقبين للشأن الليبي إلى غرابة الموقف الأميركي من طلب المنفي خاصة وأنه وفق الخبراء والمراقبين فإن الوضع في ليبيا لا يزال على ما هو عليه من انقسام مؤسساتي وغياب سلطة موحدة في البلاد على مدار 13 عاماً، منوهين إلى “مطالب الشعب الليبي المستمرة بوقف التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي الليبي، ولم تستجب واشنطن أو غيرها لهذه المطالب”، متسائلين حول “ماهية الأمر المستجد هذه المرة والذي دفع الولايات المتحدة للاستجابة بهذه السرعة؟”.

د. سماهر الخطيب - متخصصة في العلاقات الدولية والدبلوماسية
د. سماهر الخطيب – متخصصة في العلاقات الدولية والدبلوماسية

وفي هذا السياق، علقت المتخصصة في العلاقات الدولية والدبلوماسية الدكتورة سماهر الخطيب، حول الإستجابة الأميركية السريعة لطلب المنفي بالقول: “يبدو بأن هذه الاستجابة السريعة تأتي في سياق كـ(من يضرب عصفورين بحجر واحد)، فهذه الخطوة تحقق لها هدف في القارة السمراء وآخر في القارة العجوز”، موضحة بأنّ “الهدف الذي ستحققه واشنطن في القارة العجوز يأتي من خلال الرغبة الأميركية بالسيطرة على ملف الهجرة غير الشرعية باعتبار أن الإمساك بهذا الملف يمنحها القدرة على زيادة الضغط على الدول الأوروبية وبسط الخناق حول أي محاولة للتفلت من الإمرة الأميركية”.

أما فيما يتعلق بالهدف الثاني فأوضحت الخطيب بأنّه يتمثل بـ”تحقيق مسعى الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة عسكرية في جنوب ليبيا”، مشيرة إلى أنّ “ما يؤكد هذه الرغبة هو ما جاء على لسان المبعوث الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عندما قال أن (بلاده تتبنى اتجاهاً جديداً يركز على جنوب ليبيا)”، بالتالي “فهذا التصريح يؤكد بطريقة غير مباشرة الرغبة الأميركية بإنشاء قاعدة عسكرية في الجنوب الليبي، ويبدو بأنه احتمال قوي، وتسعى واشنطن لحقيقه لما يمنحها من مكاسب”.

وأشارت المتخصصة في العلاقات الدولية والدبلوماسية إلى أن “الولايات المتحدة تسعى إلى استغلال طلب المنفي لتحقيق رغباتها التي أشرنا إليها سابقاً، وهو ما سيتيح لها تنفيذ أجندتها المتمثلة في التواجد العسكري عبر الأمم المتحدة في ليبيا”، مضيفة بأنّ “المساعي الأميركية لا تقف عند حد التواجد العسكري (الأممي) فحسب، بل يبدو واضحاً بأنها تتجه نحو استغلال طلب المجلس الرئاسي لتنصيب نفسها كقوات أجنبية نظامية جاءت إلى البلاد بطلب منه، ومن ثمّ تنفرد بزمام الأمور والسيطرة على مقدرات ليبيا وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه طيلة 13 عاماً، بعد إخراج جميع القوات الأجنبية من البلاد وعلى رأسها قوات كل من تركيا وإيطاليا”.

وأضافت الخطيب بأن “هذا السيناريو القائل بالتوغل العسكري الأميركي في ليبيا والسيطرة على البلاد ليس جديداً، ويأتي ضمن ما يسمى بالسياسة الخارجية الأميركية بمبدأ (التجربة والخطأ) وفحوى هذا المبدأ هو تجربة كل الأساليب لتحقيق الهدف الثابت بحيث تتغير الأساليب التي تخطأ بتحقيق الهدف وهو ما تحاول تحقيقه واشنطن منذ اجتياح ليبيا (خارج شرعة الأمم المتحدة) وكان آخر محاولاتها مطلع العام الحالي، وفق اتفاقية سرية بين واشنطن ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ظهرت قوات “امينتوم” العسكرية الخاصة غرب البلاد بحجة توحيد الميليشيات وتأمين المنطقة، وبطبيعة الحال لم تؤمّن المنطقة، بل زادت الفوضى والاشتباكات والانقسامات”.

وختمت الخطيب بالقول: “في المحصلة لا شك بأن التلبية الأميركية السريعة لطلب المنفي تطرح تساؤلات عدة والأهم بأنها تضع عائق جديد أمام الوحدة الليبية”.

شاهد أيضاً

هل تورطت أوكرانيا في الجرائم التي نفذتها قوات الدعم السريع في دارفور؟

في تطور عسكري هو الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب في السودان، بدأت القوات المسلحة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *