تشهد دول إفريقيا تحركات متسارعة من الحكومة في أوكرانيا تهدف الى تقارب غربي في إطار توسّع دبلوماسي ملحوظ، جاء اخرها افتتح وزير الخارجية الأوكراني أندريي سيبيغا، سفارة جديدة لبلاده في سلطنة عمان.
وكانت أوكرانيا قد افتتحت سفارات في عدة دول أفريقية في الآونة الأخيرة، ومنها الكونغو الديمقراطية وساحل العاجل وموريتانيا وبتسوانا ورواندا وغيرها، حيث أشار العديد من الخبراء والمحللون السياسيون الى أن التوسع الديبلوماسي الاوكراني مجرد تدخل بالوكالة عن الغرب لمزاحمة النفوذ الروسيّ في القارّة.
قوة روسيا داخل القرن الإفريقي
وفي تصريحات خاصة لمركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر، قال الدكتور احمد عبدالله اسماعيل، الخبير في الشأن الإفريقي: “لا اظن بان العلاقات الروسية سيتأثر لان الروس اليوم أصبحوا قوة ذو تأثير كبير في كافة الجوانب وخاصة في القارة الأفريقية”
وأضاف الدكتور اسماعيل “ان السعي الأوكراني للانتشار لا يعطيها ايه من القوة في مواجهة روسية وخاصة في أفريقيا الذي اختار العديد من الحكومات الروس في إنهاء الاستعمار الفرنسي، لهذا نستطيع أن نقول بان الروس افلحوا في كسب الساحة الدولية والإقليمية وخاصة في القارة الأفريقية والشرق الأوسط ”
وفي سياق متصل، كان قد عبر سيبيغا في كلمة له عن سعادته بافتتاح السفارة في العاصمة العمانية مسقط، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين، معربًا عن تطلعه إلى توسيع التعاون في مختلف المجالات مثل التجارة والطاقة والزراعة والتعليم.
ويقول مراقبون، بأن السبب الرئيسي لافتتاح السفارات الأوكرانية في المنطقة بجانب كون أوكرانيا ارتضت أن تمارس دور الوكالة عن الغرب لمواجهة النفوذ الروسي، هو استقطاب الأفارقة وغيرهم عبر سفاراتهم وبعثاتهم الدبلوماسية للقتال كمرتزقة في أوكرانيا وغيرها من المناطق التي تنشر فيها أوكرانيا قواتها لتنفيذ أجندات غربية، كالسودان ومالي.
بقيادة مالي.. فشل أوروبي في التغلغل داخل الدول الإفريقية
بينما يوضّح الدكتور احمد عبدالله اسماعيل تلك الخطوة قائلا ” مسقط ليس من الدول التي لها نفس التأثير الفاعل في الساحة الإقليمية والدولية وبالتالي الجهود التي يقوم به الجانب الأوكراني هي سياسية الاتحاد الأوروبي الذي يعمل في اعادة انتشاره في القارة بعدما رفضتها الشعوب عالميا واقليما، كما بائت كل سياساتهم بالفشل بناء علي مصداقية روسيا التي عملت على إنقاذ كثير من الدول التي كادت أن تنهار”
واستطرد قائلا ” كما ان دولة مالي كانت تبحث عن الجهات التي تمول الإرهاب والمتمردين في ارضيها والقارة، ومن أجل ذلك فتحت أبوابها لكييف من اجل معرفة المخطط التي كان يهدف إليه المستعمر الذي رفضه شعب القارة، لهذا عندما وجدوا الأدلة الكافية لتحديد مصدر تمويل الإرهاب والمتمردين قرروا علي الفور قطع العلاقات مع كييف وتبعتها اكثر من دولة في القارة”
ومن الجدير بالذكر، أن جمهورية مالي قامت بقطع العلاقات الديبلوماسية مع أوكرانيا مؤخرًا بسبب التجاوزات التي قامت فيها إدارة كييف داخل الأراضي المالية، والمتمثلة بتسليح ودعم الحركات الانفصالية والإرهابية التي تحارب ضد الدولة.
حيث صرح مسؤولين بجمهورية مالي أن قطع العلاقات يأتي بعد إقرار مسؤول أوكراني رفيع، بضلوع كييف في تكبد الجيش المالي خسائر كبيرة في معارك مع انفصاليين أزواديين ومتشددين، وقعت أواخر يوليو الماضي.
واتهمت الحكومة المالية أوكرانيا بانتهاك سيادة البلاد، وتجاوز إطار التدخل الخارجي، إلى تشكيل دعم للإرهاب الدولي.
وكانت سلطنة عمان قد عقدت مشاورات سياسية مع روسيا الاتحادية في موسكو في يونيو الماضي، واستعرض الطرفين مجالات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، منها الزيارات المتبادلة والمشاركة في الفعاليات المقامة في كلا البلدين وآخرها مشاركة سلطنة عُمان كضيف رئيس في منتدى سانت بطرسبرغ الدولي الذي شاركت فيه السلطنة كضيف شرف.
واتّسمت سياسة سلطنة عمان دائمًا بالاعتدال، فهي تحافظ على علاقاتها الاستراتيجية، ولذلك من غير المتوقع أن تجازف السلطنة بعلاقتها مع روسيا، وهذا يعتمد على النهج الذي ستنتهجه الديبلوماسية الأوكرانية في عمان، وعلى تقبل السلطات العمانية لأي تجاوزات أوكرانية قد تحدث مستقبلًا.