تشهد السواحل السودانية توترات عدة اضافة الى بوادر صراع محتمل تأججه أرض الصومال داخل القرن الإفريقي خاصة على سواحل البحر الأحمر الذي بات ذو أهمية إستراتيجية كبيرة لمختلف دول العالم بأعتباره الممر المائي الأكثر إستحواذا على حركة التجارة العالمية والأكثر توترا في الوقت الحالي نظرا لتزايد حدة الصراعات والتوترات داخل الدول المطلة على سواحله.
اسرائيل تتلاعب بالإنتخابات في إقليم أرض الصومال
وفي وقت سابق، ظهرت تسريبات من الداخل الإسرائيلي، الذي يسعى لبسط نفوذه على سواحل البحر الأحمر، حول طبيعة الدعم السياسي والتدخل التقني غير المباشر في عملية الانتخابات الأخيرة داخل إقليم أرض الصومال.
وبحسب مصادر صومالية وبعض الخبراء والمراقبين، فإن تل أبيب دعمت زعيم المعارضة عبد الرحمن سيرو، بعدّة وسائل ليحقق الفوز في الانتخابات وحتى يكسب دعم سياسي خارج الصومال.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “القدس العربي” في 19 نوفمبر الماضي عن لجنة الانتخابات في أرض الصومال إعلانها فوز زعيم المعارضة عبد الرحمن سيرو على موسى بيهي عبدي (الرئيس الحالي) في الانتخابات الرئاسية، وحصل سيرو على 64 % من الأصوات مقابل 35 % لبيهي.
وبحسب مراقبين، فهذا تغيير للقيادة في وقت تسعى فيه المنطقة الانفصالية إلى الحصول على اعتراف دولي. حيث تعيش أرض الصومال حكما ذاتيا فعليا منذ انفصالها عن الصومال في 1991 لكنها لم تحصل حتى الآن على اعتراف دولي.
تغلغل اسرائيلي في دول القرن الإفريقي
وفي حديث خاص لمركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية وتقييم المخاطر، صرّح الأستاذ رامي زهدي، الخبير في الشؤون الإفريقية، البحر يتعبر هو الممر المائي الأهم في التوقيت الحالي لأنه يسيطر على نسبة كبيرة من التجارة العالمية بين الجنوب والشمال وأكبر ممر لعبور ناقلات البترول من الدول النفطية الى الدول المستهلكة وخاصة اوروبا، فهو أكبر من ممر مائي حيث يتشارك في سواحله 8 دول معظمها عربية باستثناء دولة اريتريا.
وأوضح “ رامي زهد ” أن إسرائيل تحاول لعب دور مؤثر في البحر الاحمر لكن الاقليم أكبر من امكانية السيطرة عليه حيث تمتد اهمية الممرالجيوسياسية الى ابعد من هذا الطموح، فيعتبراقليم البحر الاحمر ذو اهمية كبير لدول جوار الجوار من قارتي اسيا وافريقيا.
وأضاف رامي زهدي، أن اقليم البحر الاحمر يرتبط بشكل وثيق بالأحداث الجارية من حروب ونزاعات وتقلبات مختلفة بداية من الحرب بين روسيا واوكرانيا مرورا بما يحدث في اليمن وما يحدث في تركيا وايران وحتى الحرب الاسرائيلية الضارية ضد قطاع غزة ولبنان اضافة الى التقلبات الافريقية المختلفة، لان من يسيطر على البحر الاحمر يفرض ارادته على التجارة العالمية مما يفسّر اهتمام دول كبرى بما يحدث فيه حتى من دول لا تمتلك قواعد عسكرية داخل الاقليم مثل اليابان على سبيل المثال التي لا تمتلك خارج حدودها سوى قاعدة عسكرية واحدة اختارت ان تكون في جيبوتي نظرا لتلك الاهمية.
وتابع خبير الشؤون الأفريقية، أن اسرائيل التفتت منذ عقود الى اهمية البحر الاحمر وسعت للتواجد داخل القرن الافريقي لحماية مصالحها السياسية والتجارية وظهرت في اشكال تعاون مختلفة مما لا يدع مجال للشك في ان اسرائيل تسعى للتغلغل داخل الدول الافريقية والتي من اهمها دولة الصومال.
اسرائيل تدعم اثيوبيا لبسط نفوذها على الأمن المائي
وأشار زهدي، إلى ان اسرائيل تشهد عثرات كبيرة منذ اقدامها على الحرب في غزة التي تخطت العام وراح ضحيتها قرابة 44 ألف شهيد كما توسعت في تلك الحرب لتفتح جبهات اخرى ضد إيران تارة ثم ضد لبنان تارة اخرى، مما يفسر سعيها في السيطرة على سواحل البحر الاحمر من خلال دعم اثيوبيا وتأجيج الصراع في السودان ثم مؤخرا التدخل في ارص الصومال
وأضاف خبير الشؤون الأفريقية ان من حيث الشواهد والتحليلات يمكن القول بامكانية التدخل الاسرائيلي في انتخابات ارض الصومال، وذلك يعتبر نتاج لتغلغل قديم تجني اسرائيل ثمرته في الوقت الحالي
وأوضح زهدي أنه يثار كثيرا عن التدخل المرجح الإسرائيلي في قطاعات متنوعة في اثيوبيا مثل الزراعة وشركات المياة والبنية التحتية والتدخل المباشر في السياسات الاستراتيجية لتلك الدول الافريقية، خاصة دولة اثيوبيا الجارة الأقرب لأرض الصومال والتي تسعى ايضا لوجود عسكري داخل تلك الأرض كي تمتلك منفذ بحري لتجارتها الحبيسة، بدعم اسرائيلي.
استغلال ثروات افريقيا وتأثيرها على أمن مصر
وشدّد زهدي، انه لا يستبعد حال وقوع أي صراع مسلح بين كيانات افريقية أن تتدخل اسرائيل امنيا ومخابراتيا لصالح جانب ضد الاخر خاصة في منطة دول اثيوبيا وجيبوتي واريتريا والصومال وأخيرا أرض الصومال وذلك لبسط نفوذها الطامح في استغلال ثروات تلك الدول الغنية بالمواد والبشر والأسواق البكر، الامر الذ يؤثر على امن مصر بشكل غير مباشر وعلى الملاحة الدولية في البحر الاحمر بشكل مباشر
وتابع خبير الشؤون الأفريقية، ان اسرائيل تعسى وفي نفس الاتجاه لتقوية روابط دبلوماسية مع دول اسيا المهتمة والمستفيدة من البحر الاحمر لتوطيد تغلغلها في التجارة الدولية عبر الممر البالغ الأهمية، بهدف وجود استخباراتي وأمني اسرائيلي
واختتم رامي زهدي، الخبير بالشئون الإفريقية الاقتصادية والسياسية والاستثمار والتجارة البينية بالقارة ،حديثه قائلا، انه من الواضح بناءا على تأجيج الصراعات بشكل لا يتناسب مع امكانياتها، فنعتقد ان اثيوبيا تؤدي الدور الامني والعسكري للتواجد الاسرائيلي بشكل غير مباشر داخل القرن الافريقي، كلاعب مدعوم من قوة خارجية، برز هذا الدور خلال استقوائها وتعنتها في ملف سد النهضة وتواجد قوتها العسكرية في الصومال ودعم اقليم ارض الصومال.
وفي سياق متصل، تدعم إسرائيل محمد حمدان دقلو، حميدتي، قائد قوات الدعم السريع في صراعه ضد قوات الجيش في السودان، بأشكال متعدّدة سياسيا وعسكريا ومخابراتيا بهدف السيطرة على موارد الدولة الغنية بمناجم الذهم والأراضي الزراعية الخصبة إضافة الى سواحلها المطلة على البحر الأحمر والتي تمتد الى 670 كيلومتر.
ودعم إسرائيل لحميدتي عسكرياً وسياسياً لن يخلصها فقط من القوة الموالية للإسلاميين (الجيش السوداني بقيادة البرهان)، بل يسمح لها أيضاً بالضغط على مصر في أي استحقاقات سياسية أو امنية مستقبلاً وسوف يمنحها نفوذ أكبر في البحر الأحمر. بالإضافة للفوائد الاقتصادية لإسرائيل، بسبب سيطرة “حميدتي” على صناعة وتصدير الذهب في السودان، إلى جانب جهوزية قواته للقتال خارج السودان في أي وقت.