ماذا ينتظر إفريقيا عام 2025

نشر موقع فورين بوليسي الاميركية دراسة تحليلية اسبوعيا حول الوضع الجيوسياسي في أفريقياً وكانت الأخيرة بعنوان: ما الذي تجب متابعته في أفريقيا في العام 2025، مع طرح السؤال حول دور ادارة الرئيس دونالد ترامب المرتقبة في الأحداث المتوقعة على الساحة الأفريقية بشكل عام.

خلال الفترة الأولى للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، اعترفت الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه في مقابل إعادة المغرب العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وتعارض القرار مع حكم محكمة العدل الدولية لعام 1975 الذي نص على أن المغرب وموريتانيا المجاورة ليس لديهما مطالبات تاريخية مشروعة بالإقليم – وهي مستعمرة إسبانية سابقة تمتاز بمناطق صيد غنية في المحيط الأطلسي واحتياطيات الفوسفات.

أدى قرار ترامب إلى تكثيف التوترات بين المغرب ومنافستها الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو المؤيدة للاستقلال في الصحراء الغربية. لقد أبطل الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن جزئيًا قرار ترامب بفتح سفارة في الصحراء الغربية، وافتتح بدلاً من ذلك قنصلية افتراضية. لكن إدارة ترامب المنتصرة مجدداً تخاطر من جديد بإشعال سباق تسلح بين الجزائر والمغرب.

وأشارت الدراسة الى مكان آخر قد ينشأ فيه صراع كبير في القارة السمراء وهي جمهورية صوماليلاند التي قد تنفصل على الصومال فهناك حديث كبير عن أن ترامب قد يعترف بإستقلال صوماليلاند ويتبعه بذلك عدد من الدول الأخرى مما يعني نشوب حرب بالوكالة في تلك المنطقة، وخصوصاً أن أثيوبيا كانت قد طرحت موقفها وأعربت عن استعدادها الإعتراف بهذه الجمهورية مقابل الحق ببناء وتشغيل ميناء وقاعدة بحرية هناك، وهذا الامر قد يجر دولة كبيرة كمصر الى هذا الصراع، كما تخشى إريتريا أن يحاول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الاستيلاء على الموانئ الإريترية بالقوة.

وبحسب الخبراء يمكن أن تخلق التداعيات الإقليمية الأوسع فرصًا جديدة للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر في تنافسها على النفوذ الإقليمي والسيطرة على البحر الأحمر.

من جهتها قالت مصر إنها ستنضم، بناءً على طلب مقديشو، إلى مهمة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال والتي من المقرر تجديدها عما قريب، وفي المقابل كانت مقديشو قد رفضت في السابق أن تكون القوات الإثيوبية جزءًا من المهمة التي تقاتل جماعة الشباب المسلحة الإسلامية المصنفة على قوائم الإرهاب، لكن هذا الموقف خفف بعد الوساطة التركية.

وكان لدى إثيوبيا حوالي 3000 جندي في الصومال كجزء من المهمة السابقة. وسيتم نشر ما يصل إلى 7000 جندي إثيوبي إضافي في الصومال بموجب اتفاقية ثنائية منفصلة.

وبالنسبة للدول الأفريقية الاهرى فقد أدرك الحكام العسكريون في كل من مالي والنيجر أن القوات الروسية وحدها لا تستطيع حل القضايا العميقة في هذه الدول ولا إجتثاث منابع الإرهابيين في المنطقة. فقد تكبدت القوات الروسية خسائر كبيرة في قتال المتمردين الانفصاليين الطوارق ومسلحي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة في مالي. ولقد انتشرت الجماعات المسلحة في مختلف أنحاء غرب أفريقيا على طول خليج غينيا وإلى ساحل العاج وغانا، ويبدو أن انعدام الأمن من المرجح أن يزداد في هذه الدول، خصوصاً مع إنشغال روسيا بالوضع في أوكرانيا.

وبحسب الدراسة فانه من المتوقع أن تنشأ شراكات جديدة بين الدول التي شهدت إنقلابات عسكرية في أفريقيا وكل من تركيا والمغرب ودول الخليج في عام 2025 فالأنظمة العسكرية الإنقلابية باتت تشعر بضرورة تنويع علاقاتها وتأمين حلفاء إضافيين لها لتعويض انحسار التواجد الروسي، وبالفعل فقد بدأت ملامح زيادة هذا التعاون تظهر للعلن، مثلاً من خلال زيادة تركيا لمبيعات الطائرات بدون طيار إلى كل من بوركينا فاسو ومالي في السنوات الأخيرة.

ومن الأحداث التي سوف تسلط عليها الأضواء في أفريقيا هو محاولة رئيس الكاميرون بول بيا أن يستمر بحكم البلاد مدى الحياة، وهو الذي يحكم الكاميرون منذ عام 1982 وهو أكبر رئيس دولة سنًا في العالم يبلغ من العمر 91 عاماً. ومن المتوقع أن يفوز بولاية ثامنة في شهر أكتوبر من العام الجاري. وتشهد هذه الدولة صراعاً داخلياً ودعوات إنفصالية لعدد من الأقاليم، وهو الامر الذي أدى الى الآن الى نزوج أكثر من 700 الف شخص الى نيجيريا المجاورة، وسط اتهامات متبادلة بانتهاكات حقوق الإنسان.

وبحسب الدراسة، فانه وعلى الرغم من الصعاب والأزمات، فالدبلوماسية الأفريقية ستزيد من نشاطها على الساحة العالمية وستكون هناك جهود متضافرة لزيادة تأثير أفريقيا على الساحة العالمية في عام 2025، حيث تتولى جنوب أفريقيا رئاسة مجموعة العشرين الموسعة حديثًا، والتي تضم الآن الاتحاد الأفريقي. وسينتخب الاتحاد الأفريقي رئيسًا جديدًا لمفوضيته الشهر المقبل، ومن المرشحين لهذا المنصب الرئيس الكيني السابق رايلا أودينجا ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف وريتشارد راندريماندراتو وزير خارجية مدغشقر السابق.

ويأمل المرشحون في معالجة التحديات الأمنية الهائلة التي تواجه أفريقيا. لكن على رأس قائمة المخاوف لكل من الاتحاد الأفريقي وجنوب أفريقيا هو التمثيل الأفريقي الأوسع على الساحة السياسية العالمية، بما في ذلك تأمين عضوية دائمة للقارة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومن المرجح أيضا أن عدداً من الدول الأفريقية سوف تسعى لتعزيز علاقاتها مع دول البريكس، مما يقوض مصالح الولايات المتحدة، وقد تلقت نيجيريا وأوغندا والجزائر دعوات رسمية للانضمام إلى مجموعة البريكس كدول شريكة العام الماضي.

كما وتسلط الدراسة الضوء على الصراع المستمر في السودان، والذي بات صراعاً بالوكالة تداخلت فيه مصالح عدد كبير من الأطراف الخارجية، ويتوقع أن يستمر هذا الصراع الذي أثر سلباً على أكثر من 30 مليون شخص بعد حرب دامت 20 شهراً بين القادة العسكريين الذين سيطروا على الحكم عقب إسقاط نظام عمر البشير. وبحسب تقارير فقد جندت قوات الدعم السريع وكذلك الجيش السوداني ميليشيات مسلحة مختلفة، كثير منها مدفوع بالتنافس العرقي والمكاسب الاقتصادية، مما يجعل من الصعب إنهاء هذا الصراع، وذلك على الرغم من تدخل الولايات المتحدة وفرضها لعقوبات على قوات الدعم السريع بداعي انتهاكات حقوق الإنسان.

شاهد أيضاً

إفريقيا وعلاقتها بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي

نشر موقع منظمة ساساكاوا اليابانية للسلام والمعنية بقضايا التعاون الدولي والعلاقات السياسية والاقتصادية دراسة بعنوان: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *