المستقبل السوري من وجهة نظر روسية

نشر موقع المجلس الروسي للشؤون الدولية (RIAC) وهو مؤسسة بحثية أكاديمية ودبلوماسية غير ربحية، دراسةً بعنوان: “ما الذي ينتظر سوريا في المستقبل: وجهة نظر روسية”، وهو من إعداد كل من أليكسي خليبنيكوف الحاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات السياسية، وخبير في شؤون الشرق الأوسط ومحلل للسياسة الخارجية الروسية، وماجستير في السياسة العامة العالمية، كلية هيوبرت همفري للشؤون العامة، جامعة مينيسوتا، وزميله إيغور ماتفيف وهو الحاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ، ومستشار دولة في الاتحاد الروسي، وخبير في شؤون سوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط ​​والخليج، وأستاذ مشارك في قسم الأعمال الدولية في الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسي.

ويحاول الباحثان في هذه الدراسة تقييم الأمور على الساحة السورية بعد مضيّ عدة أشهر على السقوط المفاجئ لنظام الرئيس السابق بشار الأسد، ومجيء سلطة جديدة محله، وبدأ الباحثان دراستهما بالتأكيد على عدم وجود وضوح تام حول ماهية السلطة الحالية ومستقبلها خصوصاً أن كلام وتصريحات أحمد الشرع الذي نصّب نفسه رئيساً لسوريا لا يتوافق في كثير من الأحيان والنواحي مع مجريات الامور على الأرض:

“لم يكن أول شهرين من حكم السلطات الجديدة في دمشق كافيين لتزويدنا برؤية واضحة لمستقبل سوريا. وفي الوقت نفسه، يحاول الرئيس الانتقالي لسوريا والأمير السابق لهيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، المعروف أيضًا باسم أبو محمد الجولاني، الحفاظ على قبضته على السلطة، والحفاظ على السيطرة على جميع الجماعات المسلحة داخل هيئة تحرير الشام، وممارسة سياسة غير طائفية، بحسب تصريحاته، وحماية جميع الأقليات في البلاد، وفي الوقت نفسه، يحاول اظهار نفسه كزعيم معتدل وعملي منفتح على الحوار مع الجميع، ويجري اتصالات مكثفة مع المندوبين الأجانب داخل البلاد وخارجها. وهو بحاجة إلى إقناع الدول الغربية ببراجماتيته وعدم تطرفه لرفع العقوبات عن سوريا في نهاية المطاف وجذب الاستثمارات”.

وسلطت الدراسة الضوء على بعض المشاكل التي تعترض عمل السلطة الحالية وعدد من المعوقات التي في غالبها ناتجة عن طبيعة وماهية السلطة بحد ذاتها:

“حتى الآن، لم تسفر هذه الجهود عن نتائج فورية، ولا يضمن أسلوب العمل المتزعزع بأي حال من الأحوال قدرة الجولاني على الحفاظ على الشرعية والسلطة، وتجنب التحارب بين الجماعات المتطرفة داخل هيئة تحرير الشام السابقة وانزلاق سوريا في نهاية المطاف إلى فوضى أعمق وتفكك، فلا تزال الأزمة السورية ذات طابع دولي إلى حد كبير، حيث تلعب الجهات الفاعلة الأجنبية دوراً حاسما، ولهذا السبب فإن سوريا اليوم ليست مجرد مشكلة للسوريين، انما باتت قضية دولية، وتقع على عاتق القوى الإقليمية والعالمية مسؤولية مساعدة سوريا في نهاية المطاف على تحقيق السلام والاستقرار الدائمين”.

كما وأشارت الدراسة الى وجوب عدم استبعاد احتمال أن تنتهي الأمور في سوريا بتقسيم حقيقي للبلاد:

“على الرغم من أن تقسيم سوريا إلى عدة كيانات قد يبدو كأمر غير واقعي، إلا أنه لا يمكن استبعاده تمامًا، فمن المحتمل أن يحدث ذلك إذا فشلت السلطات الحالية في البقاء في السلطة والسيطرة على الجماعات المسلحة الأخرى، أو إذا استمر الاقتتال الداخلي بين الفصائل المختلفة داخل هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة المسلحة الأخرى كالجيش الوطني السوري، والأكراد، والدروز وغيرهم”.

وتورد الدراسة شكل التقسيم المرجّح بحال حصل الأمر:

“وفي مثل هذا السيناريو، قد تتولى روسيا زمام المبادرة في المناطق الساحلية، فيما يسمى بالدولة العلوية كما كانت على أيام الانتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، وقد يحصل الأكراد على استقلالهم أو نوع من الحكم الذاتي، في حين قد تقع الدولة المركزية في دمشق وحلب تحت سيطرة فصائل هيئة تحرير الشام السابقة، وعلى الرغم من أن فرص حدوث مثل هذا السيناريو تبقى منخفضة للغاية، لا يزال هناك خطر كبير يتمثل في أن تظل سوريا غير مستقرة، إن لم تنحدر إلى دورة أخرى من العنف. ومن العوامل التي تدفع إلى عدم الاستقرار المستمر، الطابع الطائفي للدولة والمجتمع السوري، خصوصاً أن سوريا الحديثة هي نتاج تصميم استعماري، مما جعلها كياناً عرقياً ودينياً ملوناً لها تاريخ من العداوات والصراعات عبر قرون طويلة”.

كما وقام الباحثان بسرد تفاصيل متعلقة بانتشار ونسب المكونات السورية الدينية والعرقية المختلفة على أراضي سوريا وتوزعهم الجغرافي، ومن ثم تقييم العوامل الخارجية التي تؤثر على التوازنات الداخلية بين هذه المكونات، وتحديداً دور الدول الأقليمية كتركيا واسرائيل، فتتحدث الدراسة عن دور اسرائيل في الجنوب السوري وتحديداً محافظة السويداء والقنيطرة، وهو دور ملحوظ لدرجة أن الكثير من المتابعين يتحدثون عن امكانية ضم اسرائيل أراضي سورية هناك اليها بحال أصبح تقسيم سوريا أمر لا مفر منه، اما تركيا فتقوم بالضغط على هيئة تحرير الشام ولها تأثير كبير على كافة التشكيلات الإسلامية في سوريا، واليوم تحاول استخدامها في مواجهة شرق الفرات وقوت سوريا الديمقراطية تحت ذريعة حماية الامن القومي التركي. وتشير الدراسة الى أن سوريا الآن تشهد تقسيماً جزئياً فعلياً على أرض الواقع، خصوصاً مناطق شرق الفرات، ولا يمكن اعتبار سوريا دولة موحدة جغرافيا وسياسياً بالمعنى الموضوعي للكلمة:

“تحتاج دمشق بشدة إلى استعادة السيطرة على شمال شرق سوريا، الذي يضم مستودعات النفط والغاز الرئيسية وكان تاريخياً سلة خبز البلاد، حيث ينتج أكثر من نصف القمح والقطن في البلاد، لكن اليوم لا تتمتع السلطات الجديدة بإمكانية الوصول الدائم إلى الحدود الوطنية، مما يعوق قدرتها على ملء ميزانية الدولة، وينطبق نفس الأمر على التجارة غير المشروعة عبر الحدود مع لبنان عبر ممر حمص، الذي أصبح ملاذاً للمهربين أثناء حكم نظام الأسد، أي قبل فترة طويلة من اندلاع الصراع السوري الحالي”.

كما وكان الموقف الروسي دائماً ثابتاً بما يخص رفض الاحتلال الاسرائيلي لأراضي سورية في الجنوب، وهو امر ايضاً يتم تقييمه كعنصر إضافي قد يدفع البلاد الى تقسيم أو على الأقل يمنع عودة أي حالة من الإستقرار:

“احتلت إسرائيل منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 المنطقة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان والمزيد من الأراضي السورية في محافظات القنيطرة والسويداء ودرعا، واستولت على أكثر من 400 كيلومتر مربع، بما في ذلك جبل الشيخ على الجانب السوري، وبحسب التقارير، بدأ الجيش الإسرائيلي في بناء ستة مواقع عسكرية جديدة في المنطقة العازلة وواحدة داخل الأراضي السورية، وبالإضافة إلى السيطرة على منطقة عسكرية استراتيجية، اكتسبت إسرائيل ورقة مساومة قوية لمفاوضات السلام المستقبلية المحتملة مع دمشق على أساس صيغة الأرض مقابل السلام”

وأبرزت الدراسة عدداً من الأمور التي يجب على السلطة السورية الجديدة القيام بها إن هي أرادت فعلاً توحيد البلاد والوصول حالة من الإستقرار السياسي والأمني والإجتماعي:

“يتعين على السلطات السورية الجديدة أن تنشئ دولة جديدة قوية وهياكل للسلطة، وهي مهمة صعبة للغاية، ويتعين على القيادة الجديدة أن تضم بطريقة أو بأخرى كوادر من النظام السابق من العسكريين والأمنيين والمخابراتيين والبيروقراطيين والتكنوقراط، بالإضافة الى ممثلي النخب الإجتماعية وذلك من أجل ضمان انتقال سلس للسلطة وتخطي مرحلة عدم الإستقرار”.

لكن الباحثان يشيران الى أن بعض الخطوات التي اتخذتها السلطة الحالية لا تصب في خانة العمل على منع تقسيم البلاد، بل وقد تزيد من حالة عدم الإستقرار

“رغم أن القرار الأخير بحل الجيش العربي السوري وكذلك أجهزة الأمن والمخابرات لا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد فوري للأمور، الا أنه في ظل غياب الهياكل العسكرية الرسمية التي تضم جنود وضباط النظام السابقين، يبدو من الصعب تجنب التوترات، ناهيكم عن التوترات التي قد تحصل بين الجماعات الداخلة في هيئة تحرير الشام نفسها وباقي التشكيلات الإسلامية. ان قرار حل أجهزة المخابرات يحمل مخاطر كبيرة، لأن قادة هذه الأجهزة كانت لهم مصالح اقتصادية واجتماعية تتعدى كونهم على رأس أجهزة استخبارات فقط، فلهم علاقات متشعبة في الداخل والخارج، وبالتالي من دون ضمان دمج أو استقطاب معين لهؤلاء في بنية الدولة الجديدة سيبقون عاملاً سلبياً يزيد من مخاطر التوترات، التي قد تصل الى تحريض على العصيان”.

وتكمل الدراسة:

“إن السلطات الجديدة لابد وأن تتوصل إلى نوع من التسوية مع الجماعات المسلحة الأخرى كالجيش الوطني السوري، والأكراد، والفصائل داخل هيئة تحرير الشام، وغرفة العمليات الجنوبية، وما إلى ذلك، التي قد يكون لديها وجهات نظر وأجندات مختلفة، وضمان دمجها في النظام الجديد. وفي الوقت نفسه، تحتاج القيادة السورية الجديدة إلى إصلاح وتعديل هياكل الدولة القائمة بعناية، بما في ذلك القطاع الاقتصادي، والجيش، والأجهزة الأمنية والاستخباراتية، والمؤسسات الدبلوماسية، ووكلا العمليتين ضروريتان لانتقال ناجح”.

ولا يمكن لأي دراسة او بحث حول مجريات الاحداث في سوريا، الا وأن يتطرق للقضية الأكثر إثارة للقلق داخلياً وخارجياً، وهي قضية تطرف الجماعات التي سيطرت على الدولة، وتاريخها وكونها مدرجة على قوائم الإرهاب في كثير من دول العالم.

“يؤكد العديد من الباحثين أنه على الرغم من إعادة صياغة ما يمكن تسميته بالعلامة التجارية التي يحملها الجولاني وهيئة تحرير الشام وحلفائها وإزالة التطرف المعلن عن آراء الجولاني، فإن مواقفه وتوجهاته السياسية تظل استبدادية، إن لم تكن متطرفة بالمطلق، وذات توجهات إسلامية واضحة، وعلى الرغم من إمتناع هؤلاء عن القيام بأي تصريحات من شأنها إخافة المجتمع السوري والدول الأجنبية، الا أنهم لم يتخلوا عن مواقفهم التي لا يمكن سوى إدارجها في خانة التطرف الديني الإسلامي، وبالتالي حتماً لن تتسامح قيادة هيئة تحرير الشام المعاد تشكيلها مع أي معارضة سياسية، وعلاوة على ذلك، لا تزال هيئة تحرير الشام مدرجة على قوائم الإرهاب في العديد من البلدان، ولم يتم إلغاء العقوبات”.

كما وللقوى الخارجية تأثير كبير، فالإعتراف بالسلطة الجديدة له شروط واضحة، وفي مقدمتها القيام بانتخابات شرعية، مقابل رفع العقوبات والإسهام بعملية إعادة الإعمار.

“يعتمد مصير سوريا إلى حد كبير على القوى الأجنبية، وفي في الوقت الحالي، تنبع شرعية السلطات الجديدة في دمشق من الاعتراف الدولي بها، ولا تزال بحاجة إلى تنظيم انتخابات من شأنها أن تمنحها في نهاية المطاف شرعية حقيقية نابعة من الشعب السوري. ومع ذلك، خلال هذه الفترة الانتقالية، تعتمد شرعية القيادة الجديدة على القوى الأجنبية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وإذا رأت هذه القوى أن السلطات السورية الجديدة تتبع مسارا خاطئا من وجهة نظرها، فيمكنها بسهولة إلغاء دعمها وسحب شرعيتها، وما يترتب على ذلك من عدم رفع للعقوبات والإمتناع عن الإنفتاح الاقتصادي على سوريا، مع امكانية فرض المزيد من العقوبات حتى”.

وتؤكد الدراسة على أن الاستقرار في سوريا وتحسن الاوضاع متعلق بشكل كبير بدور الولايات المتحدة تحديداً، كونها تتمتع بنفوذ كبير في شمال شرق سوريا، حيث قوات سوريا الديمقراطية والثروات الطبيعية السورية والتي من دونها لا يمكن للسلطة في دمشق أن تحقق أي نوع من النهوض الاقتصادي وتحسين الوضع المعيشي للناس:

“موقف الولايات المتحدة، التي تدعم الأكراد السوريين، هو أمر بالغ الأهمية، فبدون إمدادات النفط والغاز والغذاء من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، لن تتمكن السلطات في دمشق من إطلاق عملية إعادة إعمار مستدامة على نطاق واسع، ولا تستطيع تركيا وحدها سد هذه الفجوة، لأن اقتصادها غير قادر على تزويد سوريا بالمساعدة اللازمة، ويمكن لأنقرة أن تساهم فقط إذا دفعت جهات فاعلة أخرى مثل دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، ثمن هذه المساهمة، فتركيا لن تقدم شيئاً بالمجأن، وهي في نفس الوقت عدوة لقوات سوريا الديمقراطية التي بدورها تتحالف مع واشنطن”.

أما الموقف الروسي فتصفه الدراسة بالحذر مع ميل الى التفاؤل نوعاً ما، لكن من الواضح أن روسيا من خلال تجربتها شرق الأوسطية توصلت الى قناعة مفادها انه لا يمكن الاعتماد على العلاقات مع جهة واحدة، ولا يجوز وضع كل البيض في نفس السلة.

“يمكن وصف موقف روسيا الحالي بشأن سوريا بأنه حذر ولم يتضح بعد، تمامًا مثل الوضع العام في البلاد ومستقبلها، ويحاول الكرملين النظر في جميع السيناريوهات المحتملة في سوريا ويحافظ على العلاقات مع جميع الجماعات والفصائل المسلحة على الأرض. وعلى الرغم من أن هيئة تحرير الشام لا تزال موضوعة على قائمة موسكو للإرهاب، وأن القوات الجوية الروسية كانت تقصف الجماعات المسلحة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، لسنوات، إلا أن موسكو أقامت على الفور اتصالات مع السلطات الجديدة، التي اختارت عدم استبعاد روسيا من جهات التواصل. علاوة على ذلك، فإن موسكو مستعدة لمساعدة السلطات الجديدة والشعب السوري، وقد أعلن الرئيس الروسي عن ذلك كما فعل المسؤولون الروس مراراً.

ويضيف المقال:

“من المرجح أن تبذل روسيا قصارى جهدها لتجنب أسوأ السيناريوهات والفوضى في سوريا، وفي أسوأ الأحوال يمكن لروسيا استخدام قواعدها العسكرية من أجل حماية الأقليات الدينية، الى جانب استخدام هذه القواعد لتسهيل عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا بمجرد التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه المسألة مع دمشق. وفي الوقت نفسه، فإن مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا يبقى من الهواجس الروسية الرئيسية، ولدى دمشق مجال أكبر للمناورة لمناقشة مصيرها، وكل شيء مرهون أيضاً بالموقف الغربي والاميركي والضغط التي قد يمارسوه على السلطة في دمشق. ومن غير المستبعد أن يكون الملف السوري من أهم الملفات على طاولة المفاوضات بين الرئيس الأميركي دونلد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وذلك في لقاء يتم العمل على تنظيمه قريباً”.

ويشير الباحثان في دراستهما الى أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا وروسيا أعمق مما يتصوره كثيرون، وهي علاقات لا يمكن أن تنتهي بشكل كامل بغض النظر عن الأنظمة الحاكمة في البلدين، فروسيا يمكن أن تكون مصدراً أساسياً للسلاح والقمح على حد سواء. ويذكر الباحثان عوامل كثيرة تستند عليها العلاقات التاريخية بين البلدين:

“يمكن لروسيا أن تزود سوريا بالقمح والحبوب حتى يتمكن السوريون أنفسهم من تلبية احتياجاتهم المحلية، كما ان هناك أكثر من 30 ألف سوري متعلمين في الاتحاد السوفييتي وروسيا وهم يشكلون أصلاً قيماً في التعاون الاقتصادي والإنساني، ومعظمهم حاصلون على درجات علمية في المجالات التقنية والهندسية، والتي ستكون مفيدة بشكل خاص خلال مرحلة إعادة الإعمار. كما كانت روسيا من بين أكبر خمسة شركاء اقتصاديين لسوريا في الواردات ومن المرجح أن تظل كذلك، على الأقل في المستقبل المنظور. وبصرف النظر عن التوجهات الخارجية المستقبلية لدمشق، فإن آفاق معينة للعلاقات الاقتصادية الروسية السورية موجودة، بناءً على التجارب السوفييتية وما بعد السوفييتية، فضلاً عن الإرادة السياسية لموسكو”.

وتصل الدراسة الى استنتاج مفاده أن أي قيادة سورية مهما كانت، لا تستطيع قطع العلاقات نهائياً مع روسيا، ببساطة لأن ذلك ليس من مصلحتها

“لا تستطيع السلطات السورية الجديدة أن تقطع علاقاتها مع موسكو ببساطة، فهي تعلم جيداً أن روسيا قادرة على المساعدة بطرق براجماتية عديدة، بما في ذلك موازنة القوى الأخرى، مثل تركيا والولايات المتحدة ودول الخليج، ومن أجل ضمان بقائها، ينبغي للسلطات الجديدة في سوريا أن تكون مهتمة بعلاقات متوازنة مع جميع القوى الإقليمية والخارجية، وتجنب الاعتماد المفرط على دولة بعينها، وتستطيع الحكومة السورية الجديدة أن تبني علاقات مع روسيا لتنويع علاقاتها الدبلوماسية. إن الأمر الأكثر أهمية في هذا السياق هو استعداد السلطات الحالية للحوار مع موسكو، والحقيقة أن عدم قيامها بطرد القواعد العسكرية الروسية على الفور يشير إلى براغماتيتها.

كما أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد روسي إلى دمشق، برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، والمكالمة الهاتفية بين بوتن والشرع، تثبت أيضاً أن الطرفين منخرطان في الحوار ولا يتسرعان في اتخاذ خطوات مفاجئة، وبعد الاجتماع، أكد الجانب الروسي استعداده لتزويد سوريا بالمساعدة اللازمة لإعادة الإعمار والتعافي بعد الصراع”.

المصدر:

https://russiancouncil.ru/en/analytics-and-comments/analytics/what-lies-ahead-for-syria-a-russian-perspective/

 

 

شاهد أيضاً

هل نجحت الدبلوماسية الروسية في إفريقيا؟

نشر موقع معهد الحرب الحديثة للدراسات الاستراتيجية والعسكرية (Modern War Institute) مقالاً بعنوان: من سوريا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *