مع استعادة العاصمة وتقدم الجيش.. الشعب السوداني يتسائل عن الوجه الحقيقي للعدو

في تطور ميداني يُعد نقطة تحول في مسار الحرب السودانية، تمكن الجيش من استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، في خطوة وصفت بأنها انتصار رمزي واستراتيجي، لاسيما بعد رفع العلم السوداني مجدداً فوق القصر الجمهوري واستعادة مقار الوزارات والمنشآت السيادية.

هذا التقدم العسكري شكل ضربة موجعة لقوات الدعم السريع التي كانت قد أعلنت في اليوم الأول للحرب، في 15 أبريل 2023، عن سيطرتها على مؤسسات الحكم، مرددة بشعارات واثقة: “استلمنا البلد… استلمنا البلد”.

بالتزامن مع استعادة الجيش للعاصمة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي السودانية حالة من التوثيق الشعبي المكثف، حيث أعاد الناشطون تداول صور ومقاطع تُظهر أسلحة أمريكية متقدمة بحوزة مقاتلي “الدعم السريع”، منها بنادق “M4” و”AR-15”، إلى جانب صواريخ جافلين FGM-148 المضادة للدروع.

وفي تطور لافت، أعلنت قوات العمل الخاص التابعة للجيش السوداني عن ضبط شحنة من هذه الصواريخ في منطقة أم درمان، مؤكدة أنها كانت مملوكة لقوات الدعم السريع.

إدانة دبلوماسية في مجلس الأمن

وفي كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي يوم 21 أبريل، كشف السفير الحارث إدريس، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، عن معلومات رسمية تفيد بوصول 1200 عربة تاتشر محملة بالأسلحة الأمريكية إلى السودان عبر الحدود مع تشاد، مرجحاً أن تكون موجهة لصالح مليشيا الدعم السريع.

وأكد أن من بين هذه الأسلحة صواريخ جافلين الأمريكية المتطورة، والتي تُستخدم بشكل فعال في ميادين القتال ضد القوات النظامية.

إعلاميون وخبراء يوجهون أصابع الاتهام

في هذا السياق، أشار الصحفي سيف الدين سليمان، رئيس تحرير شبكة سودازول، إلى أن الولايات المتحدة تُعد من أبرز الجهات الدولية الداعمة لقوات حميدتي، مؤكداً أن واشنطن غضّت الطرف عن مصادر تسليح المليشيا، رغم استخدام هذه الأسلحة في قتل المدنيين وإسقاط الطائرات.

أما الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني، فقد أوضح أن هذه الأسلحة لا تصل إلى السودان مباشرة من واشنطن، وإنما عبر أطراف ثالثة تشمل تجار سلاح ودولاً حليفة للدعم السريع، مؤكداً أن البنادق الأمريكية الحديثة منتشرة بكثافة، حتى وإن كانت الصواريخ المتطورة محدودة العدد.

 اتهامات للإمارات و”المرتزقة” الأجانب

وفي تصريحات حديثة، اعتبر أستاذ السياسة والعلاقات الدولية د. عزيز سليمان، أن العثور على أسلحة أمريكية في يد قوات الدعم السريع يمثل إدانة أخلاقية وسياسية للولايات المتحدة، حتى وإن جرى نقل هذه الأسلحة عبر قنوات غير رسمية.

وأشار إلى دور الإمارات في دعم قوات حميدتي لوجيستياً وسياسياً، فضلاً عن تورط عناصر أجنبية من أوكرانيا وكولومبيا، قال إنهم يعملون لصالح “مرتزقة البيت الأبيض” وينفذون أجندات عابرة للحدود.

انتصار حاسم  

الباحث في الشأن السوداني هشام الدين نورين

قال الباحث في الشأن السوداني هشام الدين نورين لـ”مركز المستقبل”، إن الانتصارات التي حققتها قوات الجيش السوداني خلال الأسابيع الأخيرة، قد تكون حاسمة وربما نشهد خلال الفترة المقبلة، انتصارا شاملا للجيش الذي يتمتع بحاضنة شعبية واسعة بين السودانيين.

وأضاف “نورين، “أن الجيش السوداني هو المؤسسة الوحيدة في البلاد التي يراهن عليها المواطنون لاعادة بناء الدولة، لأنها لا تمثل طائفة أو تيار عرقي أو ديني، وإن كان يوجد بعض الأخطاء فإن ذلك راجع لطبيعة الظروف التي تمر بها البلاد بسبب الحرب.

وتابع  “هشام” أن هناك تساؤلات كثيرة حول تسليح قوات الدعم السريع، في ظل اتهامات لأطراف دولية وإقليمية بتسليح هذه المجموعات لاستمرار الحرب، وضمان بقاء البلاد في حالة فوضى، مشيرا إلى أن هناك تقارير تتحدث عن وجود أسلحة أمريكية بيد قوات الدعم السريع بالمخالفة للقوانين الدولية والإنسانية.

أسلحة أميركية في أم درمان   

وأوضح الباحث في الشأن السوداني أن عثور الجيش على أسلحة أميركية في أم درمان، يشير إلى وجود أطراف خارجية ترغب في استمرار النزاع، ولذا زود الميليشيات بهذه الأسلحة، مطالبا المجتمع الدولي بالتصدي لمثل هذه الممارسات التي تعد تطورا خطيرا في الصراعات الأهلية.

تورط واشنطن

وأشار “نورين،”  إلى أنه للأسف فإن واشنطن متورطة في توظيف كافة المشكلات التي تمر بها المنطقة العربية والشرق الأوسط لتحقيق مصالحها، حتى لو جاء ذلك على حساب الشعوب، وهو ما يحدث في السودان، إذ أنه من غير المتوقع أن تكون الأسلحة الأمريكية وصلت إلى الدعم السريع دون علم واشنطن، حيث تسيطر وزارة الدفاع على الأنشطة العسكرية الخارجية، وتشرف على صفقات السلاح بشكل صارم.

وأكد الباحث في الشأن السوداني أن صمت الولايات المتحدة وبريطانيا عن الرد على التقارير التي تؤكد رصد أسلحة غربية في السودان بحوزة الدعم السريع يؤكد تورط هذه القوى في هذا النزاع الدموي، لافتا إلى وجوب قيام المؤسسات الدولية بمسؤولياتها ومحاسبة الأطراف المتورطة في مثل هذه الخروقات.

 

شاهد أيضاً

بين تجاهل السيادة وتغذية الصراع.. كيف تحاول دول الغرب إعادة تشكيل المشهد السوداني؟

في خطوة أثارت استياء السلطات السودانية، دعت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى “G7” خلال مؤتمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *