أصرار زيلينسكي على الحرب قد يؤدي إلى تصعيد عسكري جديد

مع اقتراب الذكرى الثمانين لعيد النصر على النازية، يستمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رفضه للدعوات الدولية للدخول في مفاوضات مباشرة مع روسيا لوضع حد للصراع الروسي – الأوكراني، كانت أخرى هذه الدعوات أعلان الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعه الجانب الأوكراني، لوقف إطلاق النار وتوقف كافة العمليات العسكرية في أيام الذكرى الثمانين للنصر من 8-11 من مايو الحالي.

ترحيباً بهذه الهدنة قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “أن وقف إطلاق النار في عيد النصر الذي أعلنته روسيا يمثل خطوة كبيرة للمضي قدما نحو إنهاء الصراع والتفاوض إذا ما أخذنا في الاعتبار من أين بدأنا في مفاوضات الهدنة”.

الا أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي وصف، المبادرة الروسية بأنها “مسرحية كبيرة”، وأضاف أن “أوكرانيا لن تشارك في ألعاب لمساعدة الرئيس الروسي”، حتى يكون لديه “انطباع بالخروج من العزلة في 9 مايو”، هذا واختار زيلينسكي أيضاً توجيه تهديدات مباشرة لروسيا في آخر تصريحاته، معلنًا نية بلاده استهداف العمق الروسي. في “يوم النصر” في 9 مايو، مؤكداً أن كييف لا تستطيع ضمان سلامة الضيوف الأجانب وقادة العالم الذين سيزورون روسيا لحضور احتفالات يوم النصر.

الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول نية أوكرانيا في السلام، خصوصاً وأن النظام الأوكراني لا يملك أي أوراق يساوم بها الكرملين، في ظل التقدم المتواصل الذي يحرزه الجيش الروسي على خطوط الجبهة، وهو ما يدركه زيلينسكي أن جلوسه إلى طاولة المفاوضات مع موسكو يعني الإقرار بالهزيمة. لذلك، يتشبث بتهديداته الإرهابية.

ناصر ذوالفقار الصحفي المختص في الشؤون الدولية

قال الصحفي المختص في الشؤون الدولية ناصر ذوالفقار في تصريح لـ “مركز المستقبل”، إن إعلان روسيا وقف إطلاق النار في عيد النصر، بالطبع هو خطوة جريئة من جانب موسكو في ظل تعثر المفاوضات التي قادها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول وقف الحرب الأوكرانية التي اشتعلت في فبراير 2022.

وأشار ذوالفقار إلى أن رد الفعل من جانب الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي بالرفض والتشكيك في المبادرة الروسية للهدنة، مصرحا بأن الأمر لا يبدو جديا، أو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمارس بعض الألعاب، محاولا منح شعور بالأمان والارتياح لقادة وأصدقاء وشركاء بوتين الذين سيأتون إلى الساحة الحمراء، في إشارة إلى القادة الذين سيشاركون الاحتفال بيوم النصر، ولكن زيلينسكي يغفل أن احتفالات عيد النصر التي جرت خلال سنوات الحرب الماضية أقيمت بحضور قادة عدد من مختلف قارات العالم، وكانت الحرب دائرة لم تتوقف.

وفي السياق ذاته  رفض رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو تصريحات زيلينسكي حول وجود تهديدات محتملة للمشاركين في احتفالات عيد النصر. قائلاً: “هذا غير مسبوق. في رأيي، هذا أمر مثير للسخرية. أنا أرفض مثل هذه التهديدات. أنا ذاهب للمشاركة في الاحتفال بالذكرى الثمانين للنصر في موسكو”.

وأكد روبرت فيتسو قائلاً: “زيلينسكي مخطئ في اعتقاده أن الوفود الأجنبية لن تحضر إلى موسكو”. ودعا فيتسو إلى تسوية سريعة للنزاع في أوكرانيا، معرباً عن أسفه لرفض أوكرانيا عرض القيادة الروسية بوقف إطلاق النار خلال ذكرى عيد النصر.

فيما اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا من جهتها، بأن تصريح زيلينسكي تهديد مباشر، وقالت: “التصريحات التي أدلى بها زيلينسكي ليست محض صدفة بتاتاً، بل هي تهديد تقليدي من “إرهابي دولي” لزعماء العالم الذين يخططون لزيارة موسكو في 9 مايو. ويشير إلى نية مسبقة لدى كييف بإفساد الاحتفال بعيد النصر، ورفضها لأي تهدئة أو سلام جدّي وشامل.

وفي هذا السياق أكد الصحفي المختص بالشئون الدولية، أن المبادرة الروسية فضحت رغبة أوكرانيا في استمرار الحرب بعدما خرقت وقف إطلاق النار بإطلاق الطائرات المسيرة في الساعات الأولى لدخول الهدنة حيز التنفيذ.

ولفت ناصر ذوالفقار، أن رفض زيلينسكي لمبادرة وقف إطلاق النار، تؤكد أنه فهو لا يملك من أمره شئ وهو مجرد دمية في يد القوى الداعمة لأوكرانيا والتي تساعد على تأجيج المواجهة واستمرار الحرب.

وأوضح ذوالفقار أن زيلينسكي يسعى بشتى الطرق إلى استمرار الحرب لأكبر وقت ممكن لأنها تكسبه شرعية الاستمرار والجلوس على كرسي الرئاسة في أوكرانيا خاصة مع انتهاء ولايته القانونية في مايو 2024 ووصفه ترامب في فبراير الماضي بأنه ديكتاتور بلا انتخابات، وفي حال توقفت الحرب سيصبح مجبرا على إجراء انتخابات رئاسية في ظل انعدام شعبيته، فالمأزق هنا داخلي بكل وضوح.

وأضاف ذوالفقار أنه على مدار الأعوام الثلاثة الماضية حاول الغرب فرض عزلة دولية على روسيا إلا أن عدد كبير من بلدان العالم التزم الحياد بشأن الحرب الأوكرانية واستمرت العلاقات مع الكرملين، وفشلت الضغوط الغربية في عزل موسكو.

وأشار ناصر إلى أن مشاركة مصر والصين والبرازيل في احتفالات موسكو بيوم النصر، أمر طبيعي لأنهم يتمتعون بعلاقات استراتيجية مع روسيا، إلى جانب أن القوى الثلاثة إلى جانب موسكو منخرطة في مجموعة بريكس التي تمثل الجنوب العالمي، الذي يجابه المنظمات الدولية الكبرى ذات الطابع الغربي مثل مجموعة العشرين أو الدول السبع الكبري، وهو بمثابة بوادر أولية لبناء نظام عالمي جديد.

وتابع “الصين حليف استراتيجي بالنسبة لروسيا وشريك مؤسس في مجموعة بريكس وكذلك البرازيل الدولة ذات الثقل الكبير على الساحة الدولية، والأمر الأبرز هو زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى موسكو وحضوره الاحتفال بعيد النصر وسط تقارير ترددت بشأن تراجع الرئيس المصري عن زيارة البيت الأبيض ورفض لقاء ترامب احتجاجا على المخطط الأمريكي الإسرائيلي لتهجير سكان غزة، هو أمر يعكس متانة العلاقات المصرية الروسية في ظل التوترات على الساحة الدولية”.

ويذكر أنه بالعودة لاحتفالات عيد النصر على النازية، من المتوقع حضور حوالي 20 قائد، من بينهم الرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إلى جانب قادة كازاخستان وبيلاروس وكوبا وفنزويلا. بالإضافة إلى رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو، ورئيس جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك، وستشهد الإحتفالات تمثيلاً عربياً يتمثل بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والرئيس الفلسطيني

شاهد أيضاً

روسيا صمام أمان لسوريا وإدارتها الجديدة

تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة بعد سقوط النظام السابق، وإنعاش الاقتصاد، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *