البرلماني الليبي الدكتور “علي التكبالي” في حوار خاص: وجوه ستختفي.. وحكومة جديدة تُصنع في كواليس أمريكا

التكبالي : مجلس النواب سيتلاشى.. وواشنطن تجهّز حكومة ليبية بديلة بدعم أمم
مصر تتعامل كسبّاح ماهر.. وبدونها لا مستقبل للاستقرار في ليبيا
هناك مخطط لنقل مهاجرين بالطائرات وتحويلهم إلى ميليشيات تخدم الدبيبة
السياسيون الليبيون الذين شتموا أمريكا.. يتسابقون الآن على أبوابها
أموال الشعب الليبي نُهبت بالمليارات.. والمخابرات العالمية تعرف أماكنها
النفط خسر.. والدينار يترنح.. وخروج “الجياع” إلى الشارع أصبح وشيكاً
الدول العربية تخلّت عن وحدتها.. وعلى الخليج دعم مصر لإنقاذ الإقليم
المطالبة بتعويضات من الناتو “كلام فارغ”.. فالغرب سيطالب الليبيين بالدفع لا العكس

في خضم تعقيدات المشهد الليبي وتشابك المصالح الإقليمية والدولية، تبرز الحاجة إلى أصوات واضحة، وخبرة سياسية عميقة، وجرأة في الطرح. ضيفنا اليوم هو أحد أبرز الوجوه البرلمانية الليبية المثيرة للانتباه والجدل، لا يخشى تسمية الأشياء بمسمياتها، ويضع يده دائماً على الجرح.

الدكتور علي التكبالي، عضو مجلس النواب الليبي، وصوتٌ برلماني عرف بمواقفه الحادة وتحليلاته الصريحة، يفتح لنا اليوم ملفات حساسة تتعلق بالمستقبل السياسي لليبيا، وموقع القوى الدولية من ترتيبات المرحلة المقبلة، إلى جانب تقييمه للدور المصري، وتحذيراته من سيناريوهات الهجرة والميليشيات، والتحديات الاقتصادية التي تُهدد الدينار الليبي. كما يُقدم رؤيته الصريحة حول وحدة الصف العربي ومطالب التعويضات من الناتو.

في هذا الحوار الخاص عبر مركز “المستقبل”، نقترب من خفايا المطبخ السياسي الليبي ونحاول فهم طبيعة المرحلة المقبلة من منظور نائب لم يغادر خط المواجهة السياسية، ويتحدث بلغة من يعرف كيف تُدار الأزمات خلف الكواليس و إلى نص الحوار.

ذكرتم أن الشهور القادمة ستحمل أحداثًا جسامًا، وأننا سنشهد تغييرات كبيرة على الساحة السياسية. فهل يمكنكم توضيح طبيعة هذه التغييرات؟ ومن تقصدون بالوجوه التي ستختفي؟

“هذه الشهور شهدت تدخل أمريكا، ونحن نعلم أن أمريكا قد بقيت تنأى بنفسها عن المشهد الليبي وتراقب عن بُعد، ويتحرك البريطانيون خاصة، ومعهم الإيطاليون والفرنسيون. ومن ثم، هناك بعض النفوذ الروسي، وقليل من النفوذ الصيني في الشرق. ولكن أمريكا، كما نعلم، لا ترى في ليبيا مجرد دولة يحكمها أولئك الذين تترقبهم من بعد، فهي تعلم أنها هي التي اكتشفت النفط، وأن النفط موجود هناك بكثرة كاحتياط. وأيضًا هناك الموقع الجغرافي الفريد، وهناك الصحراء الشاسعة. فنحن نعلم أن الصحارى لم تعد كما كانت من قبل، مجرد أراضٍ يكتنفها التراب والشمس؛ الآن للصحارى الكثير من الفوائد الاقتصادية. إذًا، فالتحرك الأمريكي جاء مؤخرًا، وهو، كما أرى، سيعمل على تجهيز حكومة جديدة. ربما، إذا لم تفلح المحاولات لقيامها عبر انتخابات أو اختيارات محلية، فإن الأمريكان سوف يفرضونها كما فعلوا في سوريا، وليس هذا ببعيد. فهذه هي التي أتكلم عنها.
أما الوجوه، فسوف يختفي مجلس النواب طبعًا، ومن معه، وسوف تكون هناك حكومة جديدة تختفي معها الوجوه القديمة كلها، وتكون حكومة مدعومة من الأمم المتحدة ومن الدول الفاعلة في ليبيا، تعمل على الاستقرار لمدة من الزمن، حتى تهيئ الأمر لحكومة حقيقية قادمة، تقوم بانتخابات فعّالة، وتقوم بتفعيل الدستور، وكل شيء تحتاجه الدولة المستقرة.”

 

وصفتم مصر بأنها تتجنب العوائق برشاقة السباح الماهر، رغم محاولات التشكيك بدورها. كيف ترون تأثير الدور المصري على الساحة الليبية في المرحلة المقبلة؟

“لا أحد يستطيع أن ينكر الدور المصري في ليبيا؛ فهي في الشرق لها تأثير كبير، وحاولت كثيرًا أن تكون أيضًا موجودة في الغرب، ولكن الوجود التركي، والوجود الإخواني المتأسلم، ووجود الكثير من التيارات، أعاق ذلك. ولكن الآن، بعد التفاهم مع تركيا، ربما ستكون مصر قادرة على ربط الشرق بالغرب والعمل على تهيئة الأمر لكي تقوم حكومة جديدة.
بدون مصر لا يستطيع العالم العربي أن يفعل شيئًا، وهذا أبرزته الأحداث.
نحن نتمنى من مصر والسعودية أن يتفاهما، خاصة في غياب دمشق الآن، وبغداد أصبحت الساحة خالية، ونريد من الجزائر أيضًا أن تساهم في ذلك، حتى يكون للعالم العربي، على الأقل، بعض الشأن في الأحداث الجارية.”

 

حذرتم من احتمال استغلال المهاجرين الفارين من الفقر والقمع كمرتزقة يمكن استخدامها في ليبيا، بناءً على تجربة السوريين في تركيا. ما مدى خطورة هذا السيناريو برأيكم؟ وكيف يمكن تجنبه؟

“المشكلة في المهاجرين أنهم ليسوا مهاجرين عاديين يأتون بأفواج قليلة من هنا وهناك، ولكن هناك مخطط في المثلث ما بين ليبيا والنيجر وتشاد، ويتم نقلهم بالطائرات وينزلونهم في ليبيا.
المشكلة إذًا أن هناك ترتيبًا من بعض الدول لكي تجعل من هؤلاء المهاجرين ربما ميليشيات أخرى تساعد السيد الدبيبة، الذي يغمض عينيه عن هذه التحركات، ثم يشتريهم بالمال كما اشترى من قبل المرتزقة السوريين، ويستعملهم في الدفاع، كما يسمونه، عن طرابلس، وهم يعلمون أن طرابلس لا تريدهم، ولكن هذا هو قوله.”

 

أشرتم إلى كثرة اللقاءات بين الساسة الليبيين والأمريكيين، وتساءلتم عن إمكانية تشكيل حكومة مدنية رشيدة أو إعادة إنتاج وجوه الفساد السابقة. ما هو تقييمكم لمخرجات هذه اللقاءات حتى الآن؟ وهل ترون بوادر حقيقية للتغيير أم إعادة تدوير للوجوه؟

“أمريكا، كما قلت، قد دخلت إلى البلاد بقوة الآن، وجميع الوجوه التي كانت تسب أمريكا أصبحت الآن تريد أن تذهب إلى أمريكا وتحظى ببعض اللقاءات مع المسؤولين هناك. كما قلت، أمريكا تريد أن تغيّر الواقع على الأرض الآن، وهي ستفعل ذلك.
وأرى أيضًا بوادر تغيير فعلًا قادمة، ولكن ما هو السيناريو الأصلح؟ لا أستطيع أن أقول لك. ولكنني كنت دائمًا أفضّل أن تكون هناك حكومة مفروضة، مدعومة من الأمم المتحدة ومن الدول الفاعلة، لأننا لا نستطيع أن نقيم حكومة الآن بانتخابات كما يقولون، ولا نستطيع أن نفعل شيئًا في تلك الحلول الطوباوية التي كانوا يقدمونها لنا، والتي مرّت عليها الكثير من السنوات ولم تفدنا بأي شيء.”

 

انتقدتم استمرار نهج السرقة والتهريب والتعتيم وتأثيره على استقرار سعر صرف الدينار الليبي. برأيكم، ما هي الخطوات العاجلة التي يجب اتخاذها لضمان استقرار العملة ومعالجة هذه الممارسات؟

“يتكلمون عن تغير سعر الدولار وتذبذبه وهبوطه، ونحن نعلم أن السرقات تحدث بالمليارات، وليست بالملايين، وأن هناك من سرق ونهب من أموال الشعب الكثير من المليارات، وجميع مخابرات العالم تعرف أين يضع هؤلاء السُرّاق المال. في تركيا موجود، وفي جنوب أمريكا موجود، وفي إسبانيا موجود، وفي البرتغال موجود، وهم يعلمون ذلك. وأنا كرئيس سابق للجنة الأموال المنهوبة والمسروقة أعلم الكثير عن هذه الأموال.
فإذا أراد هؤلاء أن يكون للدولار قيمة في ليبيا، ويصبح تحت الدينار الليبي، عليهم أن يعيدوا هذه الأموال التي تُقدّر بالمليارات، ويقيموا حكومة حقيقية يعترف بها العالم، فيتركون لها المال المجمّد، ثم تقوم ليبيا من جديد خطوة خطوة.
الآن نحن نرى أن النفط الليبي قد خسر الكثير، وأن السعر قد تذبذب وهبط أيضًا. فإذًا، من أين سوف يدفعون المرتبات التي تضخمت بشكل غريب؟ ومن أين سوف يحتفظون باقتصاد، على الأقل، يستطيع أن يضع اللقمة في مائدة أولئك الفقراء الذين يتضورون الآن؟
وقد بدأت المناوشات بين الشعب وبين الحكومة، وسوف نشهد قريبًا خروج الشعب إلى الشارع، خروج الجوعى إلى الشارع في الواقع.”

 

انتقدتم حالة الانقسام بين الدول العربية، وعدم اهتمامها بأمنها القومي في ظل خسارة الأراضي. كيف ترون السبيل لإعادة توحيد الصف العربي؟ وما هي المخاطر المحدقة إذا استمرت هذه الحالة؟

“مشكلة العرب الأولى الآن هي التضامن. على الأقل لا نريد أن نقول الوحدة، فنحن منذ حرب العراق أصبحنا متذبذبين، وأصبحت الدول العربية التي أمسكت السكين بيدها وذبحت نفسها تتنفس بصعوبة بالغة.
وأخذ الدور المصري يزداد كل يوم، والعبء على مصر في هذه الحالة التي هي فيها من الاقتصاد الصعب. يريدون من مصر أن تفعل كل شيء.
أنا أقول: على دول الخليج، وعلى السعودية بالذات، وعلى باقي الدول العربية التي تملك بعضًا من الثروة، أن تتضامن مع مصر حتى يقف اقتصادها، ثم يقومون بعمل تجمع اقتصادي على الأقل، وسياسي، حتى نضمن بعض الهيمنة على بعض المناطق في منطقة الشرق الأوسط، والبحر المتوسط، والبحر الأحمر، والشمال الإفريقي، لأنها الآن هي مناطق فارغة، وكل الأنظار تتجه إليها.
فإذا، فعلى العرب، إذا أرادوا أن يكونوا في الحسبة التي تحدث من جديد، عليهم أن يتضامنوا، وإلا فإنهم سيفشلون، وسيعودون دولًا مهلهلة لا يُعتد بها أحد.”

 

في الآونة الأخيرة، ظهرت تحركات في ليبيا تطالب بتعويضات من دول حلف الناتو عن الأضرار الناجمة عن تدخلها في 2011. كيف تنظرون إلى هذه المطالبات؟ وما هي الآليات القانونية والدبلوماسية التي يمكن اتباعها لتحويلها إلى ملف جاد على الساحة الدولية؟ وهل ترون أن هناك فرصة فعلية لتحقيق تعويضات عادلة للشعب الليبي؟

“لا يستطيع الليبيون أن يطالبوا دول الناتو بالتعويضات، لأنهم هم الذين أتوا بدول الناتو، وهم الذين قالوا لهم: تعالوا وأنقذونا من معمر القذافي. جاء الناتو بناء على ذلك، وترك الأمر لليبيين، بعد أن كوّن ميليشيات معروفة، ودفعوا الأموال ليتناحر الجميع ضد الجميع.
ولكن قانونيًا لن تستطيع أن تطلب من الناتو أن يدفع لك أي سنت مقابل أنه قد جاء وأنقذك. بل، بالعكس، سوف يطالبونك بأن تدفع لهم، لأنهم، كما يقول ترامب، هم الذين حموك، وهم الذين أنقذوك من الحكم الجائر.
فإذا هذا كلام فارغ، ولن يؤثر على السياسة الخارجية في شيء.

شاهد أيضاً

إيران تحت النار وإسرائيل في مرمى الرد: سيناريوهات الحرب المقبلة وتداعياتها على العالم العربي

مقدمةفي 13 يونيو 2025، دخل الصراع الإيراني – الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، بعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *