الإدارة الأمريكية تستغل سلاح العقوبات لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط

شهدت العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء الماضي إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عزمه رفع العقوبات التي تفرضها بلاده على سوريا، بناءً على توصية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأمر الذي قد يسهم في تمهيد الطريق لتعافي البلاد بعد سنوات من الحرب، وتحسين حياة السوريين.

هذا وشكلت العقوبات الأمريكية منذ بداية النزاع السوري في عام 2011، إحدى أبرز الأدوات التي استخدمها المجتمع الدولي للضغط على نظام الرئيس السابق بشار الأسد، إلا أنه عقب سقوط الأسد في ديسمبر الماضي، بدأت السلطات الجديدة تطالب برفع تلك العقوبات التي باتت تنهك الاقتصاد المتدهور، وتعرقل عملية النهوض وإعادة الإعمار.

ويعدّ إعلان الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات الأميركية عن دمشق، خطوة مفصلية في حياة ملايين السوريين، إلا أن هناك العديد من العقبات التي لا تزال قائمة أمام هذه الخطوة، واشترط ترامب على الشرع مجموعة من الشروط الصارمة مقابل إخراج سوريا من عزلتها الدولية، تتمثل بإخراج جميع القوات الأجنبية “الجهاديين” من الفصائل المسلحة على حد تعبيره، كما طالب بالتعاون مع واشنطن في منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية، ويبقى المطلب الأبرز هو التطبيع مع إسرائيل.

تلبية مطالب ترامب

الصحفي والمحلل السياسي ناصر ذو الفقار

ويعتقد الكاتب الصحفي و المحلل السياسي “ناصر ذو الفقار” في تصريح صحفي لـ “مركز المستقبل”، انه لابد من التأكيد على أن السياسة الأمريكية لا تبحث إلا عن مصلحتها في المقام الأول بعيدا عن القانون الدولي أو الأعراف والقوانين الدولية وأبلغ دليل على ذلك، هو التعامل مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، الذي كان قبل شهور قليلة على قائمة الإرهاب الأمريكية وعلى رأسه 10 ملايين دولار، واليوم يجلس مع ترامب ويدور بينهما مباحثات حول علاقات البلدين، إذن فإن المصالح هي التي تحكم علاقة واشنطن بأي طرف.

وأوضح “ذو الفقار” أن فيما يتعلق بقرار ترامب برفع العقوبات الأمريكية على سوريا، هو بالطبع يتماهى مع مصالح واشنطن التي تتفق تماما مع مصالح إسرائيل، وبرهن رئيس الولايات المتحدة على ذلك بخمسة مطالب من الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع.

وأفاد المحلل السياسي أن المطالب الأمريكية من الشرع تلخصت في إبرام دمشق اتفاق تطبيق مع تل أبيب، وترحيل عناصر المقاومة الفلسطينية من سوريا، وهما مطلبين يصبان في مصلحة إسرائيل في المقام الأول.

واضاف أنه إلى جانب ذلك، فقد طلب ترامب من الشرع أن يرحل المرتزقة الأجانب من سوريا، والمساعدة في عدم عودة تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب تحمل مسؤولية مراكز احتجاز داعش في شمال شرقي سوريا.

واشار “ناصر” إلى أن قرار ترامب رفع العقوبات عن سوريا، جاء برعاية سعودية حيث تجمعه بالمملكة علاقات وطيدة منذ ولايته الأولى وتوطدت بشكل أكبر في مستهل ولايته الثانية حيث اختار الرياض مرة أخرى لتكون منطلق لرحلاته الخارجية.

قانون قيصر

بالإضافة إلى المطالب بإبعاد المقاتلين الأجانب، وهو ما يشكل “قضية شائكة” للرئيس السوري أحمد الشرع، لأنها “تمس قاعدة الشرع السياسية والعسكرية، وتتعلق بأفراد وجماعات من الصعب السيطرة عليهم أو ضمان تعاونهم”، خصوصاً في ظل دوامة العنف الطائفية التي تشهدها البلاد.

نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أميركيين أن إعلان الرئيس دونالد ترامب رفع جميع العقوبات عن سوريا قد فاجأ بعض أعضاء إدارته.

ووفقاً لوكالة رويترز، فإن عملية رفع العقوبات نادراً ما تكون مباشرة، إذ تتطلب تنسيقًا مع الكونغرس وتعديل قوانين قائمة، قد لا يُمكن تغييره إلا من خلال إقرار تشريعات جديدة. وبالتالي، فإن التنفيذ الفعلي لهذا القرار قد يستغرق شهورًا وقد يواجه عقبات سياسية أو قانونية.

من جهته أكده وزير الخارجية ماركو روبيو الخميس في أنطاليا، تركيا، أن معظم العقوبات المفروضة على سوريا ترتكز إلى “قانون قيصر”، وأن الكونغرس، من كلا الحزبين، طلب من الإدارة استخدام صلاحيات الاستثناءات التي يتيحها القانون، وأضاف أن هذه الاستثناءات يجب تجديدها كل 180 يوماً، وأن الهدف على المدى الطويل هو تحقيق تقدم كافٍ يسمح بطلب إلغاء القانون نهائياً، لأن استمرار العقوبات المؤقتة يثني المستثمرين عن العمل في سوريا.

وفي الوقت نفسه، شدد روبيو على أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن ذلك، مؤكداً أن البداية ستكون عبر استثناء أولي يسمح للشركاء الأجانب بتقديم المساعدات من دون الخوف من التعرض للعقوبات، وأكد وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة ستواصل التقدم خطوة بخطوة، وتأمل أن تكون قادرة في المستقبل على مطالبة الكونغرس برفع العقوبات بشكل دائم.

مجاملة لا تكلّفه شيئًا

ويرى المحلل السياسي ” ناصر ذو الفقار” انه فيما يتعلق بقدرة الشرع على تلبية المطالب الأمريكية، فهذا أمر ليس مستحيلا أن ينفذ خاصة مع التقارير قبل أن يلتقي الرئيس السوري بترامب في السعودية.

واوضح المحلل السياسي أن إخراج المرتزقة الأجانب من دمشق، فهذا أمرا يسيرا نظرا إلى تعدد بؤر الصراع في المنطقة، ويمكن أن يكونوا وقودا لمعارك جديدة في مناطق أخرى مثل ليبيا أو السودان أو القرن الأفريقي، وغيرها من بؤر الصراع المشتعلة في المنطقة.

وافاد “ذو الفقار”، انه أذا نظرنا إلى الداخل السوري، فالقرارات التي ستصدر عن الشرع لتلبية مطالب ترامب سيكون لها تأثير بالطبع على شرعيته التي اكتسبها من عداء إسرائيل والتعاطف مع القضية الفلسطينية.
وأضاف أن حلفاء الشرع فيأتي على رأس هؤلاء تركيا وقطر والسعودية، والدول الثلاثة ليس لديهم أي أزمة حال نفذ الشرع المطالب الأمريكية الخمسة، وتتفق سياسات العواصم الثلاثة بشكل كبير مع هذه المطالب.

واختتم “ذو الفقار” حديثه قائلاً ان الأيام الماضية كشفت القدرة الكبيرة التي تتمتع بها السعودية للتأثير على قرارات ترامب، خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات الأمريكية على سوريا، لذا فالمملكة أصبح لها الدور الأبرز عربيا في تبني الملف السوري ورعايته لدى الولايات المتحدة وأيضا القوى الدولية الكبرى، مضيفًا أن رفع العقوبات عن سوريا، أغلق ملف كان يؤرق الشعب السوري ومن ورائه العرب لأن هذا القرار سيعود بالنفع على دمشق وسيظهر تأثيره مباشرة خلال على المدى القصير والمتوسط

شاهد أيضاً

إيران تحت النار وإسرائيل في مرمى الرد: سيناريوهات الحرب المقبلة وتداعياتها على العالم العربي

مقدمةفي 13 يونيو 2025، دخل الصراع الإيراني – الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، بعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *