إعلام أوكراني يلمح إلى ضلوع استخبارات كييف في استهداف بورتسودان

تداولت قنوات التلغرام الأوكرانية فيديوهات وصور توثق الضربات التي شنتها قوات “الدعم السريع” على قاعدة “فلامنجو” البحرية مطلع شهر مايو هذا العام”.

وحمل المنشور رسالة معناها، أن الاستخبارات الأوكرانية تحذر موسكو بوضوح، وتحاول أن توصل لهم فكرة أنه لا يوجد مكان آمن للروس من هجماتهم حتى في أفريقيا، وأنهم مستعدون للتصدي لهم في أي مكان.

قاعدة “فلامنجو” البحرية

قاعدة “فلامنجو” البحرية تعتبر واحدة من القواعد العسكرية الرئيسية في السودان، وهي تابعة للقوات البحرية السودانية. تقع القاعدة في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، وكانت لها دور كبير في تأمين المياه الإقليمية السودانية وتعزيز القدرات البحرية للبلاد.

تم تأسيس قاعدة “فلامنجو” في أوائل السبعينات، وهدفها كان دعم مهام القوات البحرية في مواجهة أي تهديدات محتملة. وتشمل تجهيزاتها مرافق حديثة للسفن والغواصات، مما يجعلها نقطة استراتيجية مهمة في المنطقة.

وفي نفس السياق، في أواخر شهر فبراير العام الجاري، توصلت روسيا والسودان إلى تفاهم متبادل بشأن قضية بناء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، حسب ما أفاد وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف، عقب ختام مباحثاته في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وفي ال28 من مايو هذ العام، أكد رئيس الوفد السوداني في الاجتماع الدولي لقضايا الأمن في موسكو، عباس محمد بخيت أن الاتفاق بشأن إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان بحاجة إلى برلمان منتخب للمصادقة عليه.

وقال بخيت في تصريحات لوكالة “نوفوستي” على هامش مشاركته بالاجتماع: “كان هناك اتفاق (بشأن القاعدة العسكرية الروسية) منذ وقت النظام السابق.. هذا الاتفاق ينتظر التوقيع والمصادقة عليه من قبل البرلمان. ولكن منذ سقوط النظام السابق في 2019 لا يوجد برلمان منتخب للموافقة على الاتفاق”، وتابع: “نحن نتطلع إلى تشكيل برلمان سوداني منتخب عقب انتهاء الحرب، ومن خلاله نتطلع لتحقيق مصالح السودان”.

ونقلا عن صحيفة ” رؤية الإخبارية “، صرح الكاتب والصحفي السوداني عطاف محمد مختار، أن الاتفاقية تُسهم في تحسين علاقات السودان الدولية، وتعزيز قدرات الجيش السوداني حال حصوله على دعم فني ولوجستي مقابِل استضافة القواعد، فضلاً عن أن مثل هذه القواعد من شأنها تعزيز الأهمية الجيواستراتيجية للسودان.

ولفت إلى أنه بموجب اتفاق القاعدة البحرية الروسية فقد برزت معطيات عن أن موسكو تتعهد بدعم قدرات الجيش السوداني. وكان المحلل السياسي السوداني عثمان الميرغني قد قال في وقت سابق، لوسائل إعلام إن “الجيش السوداني في حاجة ماسّة إلى الأسلحة والذخائر وقطع الغيار لطائراته المقاتلة روسية الصنع وأن تقديم قاعدة بحرية لروسيا في المقابل هو الخيار الأفضل”.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أن القاعدة ليست بعيدة عن أنشطة القوى الكبرى، وخاصة في ظل التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم. بالتالي، فإن الضربات التي وجهتها قوات “الدعم السريع” تأتي في سياق صراعات أكبر، وكما أشارت الأنباء، فإن التحذيرات الأوكرانية تعكس المخاوف من توسع النفوذ الروسي حتى في مناطق بعيدة مثل أفريقيا.

التدخل الأوكراني في أفريقيا

في سياق ذو صلة، أعلنت مالي في أواخر العام الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وأرجعت ذلك إلى إقرار مسؤول أوكراني رفيع بضلوع بلاده في معركة أسفرت عن مقتل جنود ماليين ومقاتلين من مجموعة فاغنر الروسية وقتها.

وحذت النيجر حذر مالي، حيث قطع المجلس العسكري في النيجر العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بعدها بيومين على خطوة مماثلة اتخذتها مالي المجاورة، متهمة كييف بدعم جماعات مسلحة، قتلت العشرات من جنود الجيش المالي ومجموعات فاغنر الروسية الخاصة.

وجاء في بيان متلفز للمتحدث باسم المجلس العسكري أمادو عبد الرحمن أن حكومة جمهورية النيجر، بتضامن تام مع حكومة مالي وشعبها، تقرر “بكامل سيادتها” قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا “بأثر فوري”.

المشاركة في الصراع

وكان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد صرّح خلال مقابلة صحفية، بفبراير الماضي، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد، إلى جانب قوات الدعم السريع، ومعظمهم من المتخصصين التقنيين”.

بدوره المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، كان قد كتب عبر صفحته على فيسبوك، العام الماضي، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار الأوكران يقدمون الدعم لقوات “الدعم السريع” بدعوة من حميدتي.

وبحسب يفلاش فإن: “كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا، والسودان هو أحد هذه الدول، وتحديداً مع قوات الدعم السريع”

كما نشر موقع “إنتليجنس أونلاين” الذي يوثق عمل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية، تقريراً حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا.

الباحث الاستراتيجي أمية يوسف حسن أبو فداية

أوكرانيا لن تتورط في الصراع السوداني 

قال الباحث الاستراتيجي المتخصص في شؤون القرن الإفريقي، أمية يوسف حسن أبو فداية في تصريحاته لـ مركز المستقبل:

إن أوكرانيا لن تتورط في الحرب السودانية، لأن ذلك قد يعرّضها لأضرار جسيمة، خاصةً بعد تعاونها السابق مع الحكومة السودانية في بدايات الحرب.

وأضاف أن اتخاذ موقف مضاد الآن سيكون متناقضًا مع هذا التعاون، وبالتالي فإن المصلحة الأوكرانية تكمن في الابتعاد عن هذا الصراع.

الجيش السوداني استعان بخبراء أوكرانيين

أوضح أبو فداية أن الجيش السوداني كان يعاني من تدهور كبير في جاهزية أسطوله الجوي، حيث لم يكن مستعدًا لأي مواجهة عسكرية منذ عام 2013، نتيجة إهمال ممنهج في التسليح والتدريب واستيعاب الجنود الجدد.

وأشار إلى أن الخرطوم استعانت بخبراء أوكرانيين لصيانة الطائرات القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، وتمكنوا من تحقيق تقدم نوعي في قدرات الطيران، رغم محدودية خبرة المهندسين السودانيين.

لا معركة روسية أوكرانية على أرض السودان

أضاف أن السودان لا يمكن اعتباره ساحة معركة بين روسيا وأوكرانيا، فحتى الآن لا توجد اتفاقيات استراتيجية نافذة على أرض الواقع بين الخرطوم وموسكو، بل إن العلاقة الروسية السودانية ما زالت في طور التفاهمات غير المنفذة، لذلك، فإن الهجمات التي طالت بور سودان مؤخرًا لا يمكن اعتبارها استهدافًا لروسيا أو حلفائها، بل هي محاولات لبث الفوضى في مناطق سيطرة الجيش.

استراتيجية الدعم السريع: استهداف البنية التحتية

تابع أبو فداية أن قوات الدعم السريع بعد هزائمها الميدانية بدأت في اتباع استراتيجية استهداف البنية التحتية، مشيرًا إلى هجمات على سد مروي، ومستشفى الضمان في الأبيض، ومناطق إيواء النازحين في عطبرة، بالإضافة إلى الأسواق والمدارس.

وأكد أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى ضرب ثقة المواطنين في قدرة الجيش على إعادة الاستقرار، من خلال إيصال رسالة مفادها: “لن تستقر أي منطقة لا تزال خارج سيطرة الدعم السريع”.

لا مصلحة أوكرانية في فتح جبهة ضد روسيا في السودان

أكد الباحث الاستراتيجي أن أوكرانيا غير معنية حاليًا بفتح جبهة ضد روسيا في دول تربطها بها علاقات دبلوماسية أو عسكرية.

وأوضح أن السودان لم يتحول بعد إلى حليف روسي يُمكن استهدافه من قبل أوكرانيا، وأن الكثير من الاتفاقيات بين الخرطوم وموسكو لم تُنفذ فعليًا، ما يجعل السودان خارج نطاق الحسابات الجيوسياسية المباشرة بين الطرفين.

الصراع في السودان استخباراتي أكثر منه مباشر

ختم أبو فداية تصريحه بالقول إن الصراع الدولي على أرض السودان يأخذ طابعًا استخباراتيًا وليس مواجهات مباشرة.
وأضاف أن هناك دولًا تدعم قوات الدعم السريع بأسلحة نوعية، ومضادات للطائرات، وإمدادات بشرية، بينما تقدّم دول أخرى مثل مصر دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا كبيرًا للحكومة السودانية، دون أن تقدم لها دعمًا عسكريًا مباشرًا.

شاهد أيضاً

إيران تحت النار وإسرائيل في مرمى الرد: سيناريوهات الحرب المقبلة وتداعياتها على العالم العربي

مقدمةفي 13 يونيو 2025، دخل الصراع الإيراني – الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من التصعيد، بعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *