تقرير أوكراني سرّي يكشف حجم تورط قوات كييف بالصراع الدائر في السودان

كشفت تقارير أمنية أوكرانية سرية عن تفاصيل جديدة تتعلق بمشاركة وحدة عسكرية أوكرانية في العمليات القتالية الجارية داخل السودان. ووفقاً لتقرير اطلعت عليه مصادر صحفية، فإن هذه الوحدة تضم عناصر من ذوي التخصصات المتعددة وتشارك بشكل مباشر في هجمات ضد القوات المسلحة السودانية، متسببة في خسائر ميدانية مؤثرة.

تفاصيل الوحدة العسكرية الأوكرانية وانتشارها الجغرافي

بحسب التقرير المؤرخ حتى 2 يونيو 2025، فإن وحدة مشتركة تابعة لمديرية الاستخبارات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية، مكوّنة من نحو 150 عسكريًا، لا تزال تنفّذ مهام قتالية داخل الأراضي السودانية. وتتوزع تخصصات هذه القوة بين خبراء في الطائرات المسيّرة، الدفاع الجوي، المدفعية، الهاون، الاتصالات العسكرية، بالإضافة إلى أطباء ميدانيين.

ويؤكد التقرير أن هذه الوحدة تنشط في مناطق متعددة تشمل الفاشر، نيالا، زالنجي، بورتسودان، أم درمان، بالإضافة إلى مناطق حدودية قريبة من جنوب السودان.

الطائرات المسيّرة: السلاح الأبرز في الهجمات

أبرز التقرير أن العسكريين الأوكرانيين يتولون تنظيم وتنفيذ هجمات باستخدام الطائرات المسيّرة، التي تُعد الأكثر ضررًا على مواقع الجيش السوداني. وتسببت هذه الهجمات، بحسب الوثيقة، في إضعاف قدرات الجيش على المبادرة العسكرية، وتأخير العمليات الاستراتيجية النوعية، مما أطال أمد الحرب بشكل مباشر.

خسائر موثقة في مواقع محددة

أورد التقرير قائمة بالهجمات التي نُفذت بواسطة الطائرات المسيّرة الأوكرانية خلال الفترة من 28 مارس إلى 6 مايو 2025، والتي شملت مدينة الفاشر بتواريخ متعددة (28 و31 مارس، 1 و20 أبريل 2025) وفي بورتسودان حيث في 4 مايو: تدمير طائرة نقل عسكرية من طراز “إيل-76“، أربع طائرات “آن-26“، أربع طائرات تدريبية “JL-8“، إضافة إلى مخزون ذخيرة، 5 مايو: تدمير خزانات وقود باستخدام طائرة بدون طيار من طراز “بيكار”.

تقييم الخبراء: تدخل خارجي يطيل أمد النزاع

يرى العديد من الخبراء أن التدخلات العسكرية الخارجية، ومنها التدخل الأوكراني، تساهم في تعقيد النزاع السوداني وتطيل من أمده. وأكدوا أن الأدوار التي تلعبها القوات الأجنبية في النزاعات الداخلية بالقارة الإفريقية، ومنها السودان، تعكس تحول النزاعات إلى ساحة تصفية حسابات دولية.

القتال بالسودان، ودعم قوات “حميدتي”.. تقرير يؤكد ما أكده مسؤولون أوكران

في سياق ذو صلة، كانت قوات “الدعم السريع”، في 3 أبريل الماضي، قد أعلنت أنها أسقطت طائرة للجيش السوداني من طراز “أنتونوف” شمالي دارفور، ونشرت مقطعا مصورا يظهر حطام الطائرة. وكان “الدعم السريع” قد أعلن في وقت سابق عن إسقاط طائرات يستخدمها الجيش، وسط حديث عن دور خبراء أوكران بأداء هذه المهام العسكرية المعقدة.

وكان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد صرّح خلال مقابلة صحفية، بفبراير الماضي، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد، إلى جانب قوات الدعم السريع. ومعظمهم من المتخصصين العسكريين والتقنيين”.

بدوره المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، كان قد كتب عبر صفحته على فيسبوك، العام الماضي، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار الأوكران يقدمون الدعم لقوات “الدعم السريع” بدعوة من حميدتي. وبحسب يفلاش فإن: “كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا، والسودان هو أحد هذه الدول، وتحديداً مع قوات الدعم السريع

كما نشر موقع “إنتليجنس أونلاين” الذي يوثق عمل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية، تقريراً حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا في نشاطها ضمن القارة الأفريقية.

الكاتب الصحفي و المحلل السياسي ناصر ذو الفقار

وبحسب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ناصر ذو الفقار في تصريح صحفي لـ “مركز المستقبل” فإن “التدخل الأوكراني في الحرب السودانية لا يمكن فصله عن المساعي الأوكرانية لملاحقة النفوذ الروسي المتصاعد في إفريقيا”، مشيرًا إلى أن “كييف تعمل منذ سنوات على توسيع وجودها السياسي في القارة، عبر فتح سفارات في عدد من الدول، بصرف النظر عن مواقف تلك الدول أو الأطراف التي تدعمها”.

مرتزقة أجانب لدعم ميليشيا الدعم السريع

وأضاف ذو الفقار أن “لجوء قوات الدعم السريع للاستعانة بمرتزقة أجانب ليس جديدًا”، موضحًا أن “هذه الميليشيات تخوض حربًا بالوكالة هدفها تخريب ونهب السودان، بعد أن مُنيت بخسائر جسيمة أبرزها طردها من العاصمة الخرطوم”.
 وأشار إلى أن “قوات الدعم السريع سبق أن استعانت بمرتزقة من كولومبيا، واعتقل الجيش السوداني عددًا منهم، ما اضطر كولومبيا إلى تقديم اعتذار رسمي”، مضيفًا أن “ضعف خبرة الدعم السريع في مواجهة الجيش السوداني يدفعها إلى استيراد مقاتلين أجانب لموازنة القوى”.

دعم خارجي يطيل أمد الأزمة

قال ذو الفقار إن “الحكومة السودانية طالبت بشكل واضح كل الأطراف الداعمة للدعم السريع بوقف هذه التدخلات فورًا”، مؤكدًا أن “أي جهة تساند هذه الميليشيات هي عدو مباشر للشعب السوداني، لأنها تساهم في إطالة أمد الحرب، التي تسببت في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم حتى الآن”.

احتجاج رسمي مرتقب على أوكرانيا

وأوضح المحلل السياسي أن “الخرطوم بصدد تقديم احتجاج دبلوماسي رسمي إلى الحكومة الأوكرانية بشأن تدخلها في الحرب”، لافتًا إلى أن “هذا التحرك يأتي في إطار الضغط لوقف ما وصفه بـ’التدخل السافر’، وانتظارًا لموقف أوكراني مشابه لما فعلته كولومبيا حين اعتذرت عن إرسال مقاتلين”.

رد عسكري حاسم وأسر العناصر الأجنبية

واختتم ذو الفقار تصريحه بالقول إن “الجيش السوداني يمتلك القدرة الكاملة على الرد العسكري وسيواصل تقدمه لبسط السيطرة على كامل التراب السوداني”، مشددًا على أن “أسر العناصر الأوكرانية سيكون هدفًا واضحًا، لإظهار الحقيقة وكشف الجهات التي تقف خلفهم، وجعلهم عبرة لكل من يحاول التدخل في الشأن السوداني الداخلي”.

 


اكتشاف المزيد من مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

أوكرانيا وإفريقيا: تحرك دبلوماسي وأمني في ظل الحرب مع روسيا

في ظل الحرب المستمرة مع روسيا، تسعى أوكرانيا إلى تعزيز نفوذها في القارة الإفريقية عبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *