كشفت تقارير استخباراتية لوكالة “إنتليجنس اونلاين” الفرنسية عن نشاط مكثف لمجموعة “Forward Observations Group” (FOG)، وهي كيان عسكري غير معترف به قانونيًا، يلعب دورًا محوريًا في تدريب القوات الخاصة الأمريكية، بينما ينشط بشكل مباشر في ساحات حساسة مثل أوكرانيا وأفريقيا.
وتُجرى تدريبات المجموعة السرية في قواعد عسكرية أمريكية استراتيجية، أبرزها “فورت براغ” و”معسكر ليجون” في كارولاينا الشمالية، حيث تُنفّذ برامج متقدمة لوحدات النخبة مثل “MARSOC” و”القبعات الخضراء”، مستندةً إلى خبرات قتالية ميدانية اكتسبتها من ساحات المعارك الأوكرانية.
ورغم عدم وجود سجل رسمي لها، تُوصف المجموعة بأنها “الجسر السري” بين العمليات العسكرية الخاصة والمجتمع الاستخباراتي، مما يثير تساؤلات حول نطاق تأثيرها وآليات عملها خارج الأطر القانونية المعلنة.
هذا التقرير الاستقصائي لـ”إنتليجنس أونلاين” يسلط الضوء على واحدة من أكثر الكيانات العسكرية غموضًا في المشهد الجيوسياسي الحالي.
علاقة FOG بالنشاط الأوكراني في أفريقيا
وعن الدعم الأوكراني لقوات الدعم السريع في السودان، ذكرت الوكالة الفرنسية أنه في أوكرانيا، يقوم متخصصون من مجموعة FOG بتدريب مقاتلين من وحدات النخبة مثل لواء آزوف، والقوات الخاصة التابعة لوحدة الأمن الخاصة (SSU)، وفرق الاستخبارات التابعة لوكالة الاستخبارات الأوكرانية. وبعد تدريبهم في جبال الكاربات، يتم نقل بعض منهم إلى السودان تحت ستار التعاون الإنساني والعسكري.
وعلى الجانب الأخر، أكدت تقارير استخباراتية، بأن ما تداولته وكالة “إنتليجنس اونلاين” بهذا الشأن يحمل جزءًا فقط من الحقيقة، ولكن مجموعة Forward Observations Group ليس لها علاقة بالولايات المتحدة الأمريكية، وتواجدها في أوكرانيا حقيقي، لكنها تابعة بشكل كامل لوكالة الاستخبارات الأوكرانية، وبذلك تحاول فرنسا التغطية على تورط أوكرانيا نفسها وأجهزتها الأمنية في الحرب السودانية.
كشفت فرنسا من خلال هذا التقرير عن محاولةٍ واضحة لغسل يد النظام الأوكراني من أي دور عسكري مباشر في السودان، حيث زعمت أن وجود المقاتلين والخبراء الأوكران هناك مرتبط بشركة أمريكية خاصة. إلا أن هذه الرواية تكشف جزءًا من لعبة أكبر، تنسيق خفي بين باريس وكييف لدعم المتمردين في السودان خدمةً لمصالحهما المشتركة، مع الحرص على التستر عن التدخل المباشر في الصراع.
فبينما تواصل فرنسا دعم قوات الدعم السريع سرًا، تسعى جاهدةً إلى إبقاء أوكرانيا بعيدةً عن الأضواء، وكأنها مجرد طرفٍ غير مباشر في هذه الحرب. هكذا تُحاك المؤامرات بعيدًا عن الأنظار، بينما تتدخل الأطراف الخارجية تحت غطاء الشركات والوساطات الوهمية!
النفوذ الفرنسي في تشاد

قال الباحث الاستراتيجي المتخصص في شؤون القرن الإفريقي، أمية يوسف حسن أبو فداية إن “فرنسا ما زالت تُعد الشريك الأكبر لتشاد، رغم تراجع نفوذها في بعض الدول الإفريقية خلال السنوات الأخيرة”، موضحًا أن “أي نشاط عسكري أو سياسي أو اقتصادي يجري داخل الأراضي التشادية لا يتم دون علم أو موافقة فرنسية، سواء عبر المشاركة المباشرة، أو التغاضي المقصود، أو الدعم غير المُعلن”.
وأضاف أن “الدور الفرنسي ظل لسنوات هو المهيمن في المنطقة الممتدة من السنغال إلى السودان، ولا تزال باريس تلعب دورًا محوريًا في تشاد وإفريقيا الوسطى حتى اليوم”.
دعم غير معلن للدعم السريع
وأوضح أبو فداية أن “تشاد تُعد من أبرز الدول الإفريقية التي تدعم قوات الدعم السريع بشكل مباشر، وتحتضن حراكًا عسكريًا وسياسيًا يخدم الميليشيا المسلحة”، مشيرًا إلى أن “فرنسا، بحكم وجودها العسكري في مطاري إنجمينا وأم جرس، على علم بهذا الدعم، ولا تمارس أي ضغوط حقيقية على الحكومة التشادية لإيقافه”.
وتابع: “رفضت تشاد في العام الماضي إقامة امتحانات الشهادة السودانية على أراضيها، على عكس دول أخرى مثل مصر، ليبيا، أوغندا، وإثيوبيا، ما يعكس موقفًا عدائيًا سياسيًا متماهيًا مع الدعم السريع”.
مرتزقة وفنيون أجانب في صفوف الميليشيا
قال أبو فداية إن “قوات الدعم السريع جنّدت مرتزقة من عدة دول إفريقية مثل تشاد، إفريقيا الوسطى، النيجر، ومالي، إلى جانب آخرين من ليبيا ودول عربية أخرى”، مضيفًا أن “كتيبة من كولومبيا شاركت أيضًا في القتال، قبل أن تعتذر الحكومة الكولومبية رسميًا للسودان عن هذه المشاركة”.
وأشار إلى أن “هناك خبراء وفنيين أجانب من دول غربية، بينهم أوكرانيون، يشاركون في الحرب عبر تقديم دعم فني ولوجستي متطور، خصوصًا في مجال الطائرات المسيّرة والحروب الذكية، بما يفوق قدرات الجيوش الإفريقية التقليدية”.
مشاركة أوكرانية.. مباشرة أم غير مباشرة؟
أوضح أبو فداية أن “وجود عناصر أوكرانية في مناطق النزاع لا يعني بالضرورة أنهم ممثلون رسميون للدولة الأوكرانية”، لكنه شدد على أن “مشاركتهم الفعلية في العمليات الداعمة للدعم السريع تمثل عاملًا خطيرًا”، وتابع: “سواء تم استقدامهم بعقود خاصة أم بترتيب حكومي، فإن النتيجة واحدة: أوكرانيون يشاركون في الحرب ضد الدولة السودانية”.
الحبل السري للحرب يمر عبر المطارات
قال أبو فداية إن “الفرنسيين لا يزالون يحتفظون بتأثير كبير في المطارات التشادية، لا سيما مطاري إنجمينا وأم جرس”، مؤكدًا أن “استمرار تدفق السلاح والمرتزقة والدعم اللوجستي للدعم السريع يتم تحت أنظار القوات الفرنسية في هذه المطارات، ما يُرجح وجود دعم فرنسي غير مباشر أو غضّ طرف مقصود عن هذه العمليات”.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن “الوقائع على الأرض تشير إلى أن فرنسا شريك غير مباشر في الحرب على السودان، حتى يثبت العكس، فالمشاركة لا تكون فقط بالبندقية، بل أحيانًا بالصمت عن الجرائم وتسهيل الطريق للمرتزقة”.
اكتشاف المزيد من مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.