بين هتافات المتظاهرين في فرنسا ودوي الانفجارات في دارفور.. الصراع السوداني يتحول إلى قضية دولية

في مدينة ليل شمال فرنسا، شهدت الساحات تجمعاً لمتظاهرين سودانيين ونشطاء أوروبيين رفعوا شعارات تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، خصوصاً في إقليم دارفور.المظاهرة التي شارك فيها ممثلون عن مؤسسات إغاثية وحقوقية وبرلمانيون أوروبيون، جاءت للتنديد بما وصفوه بـ«الصمت الدولي» تجاه معاناة المدنيين في مدينة الفاشر، حيث يتواصل الحصار والاشتباكات المسلحة منذ أسابيع.

وفي كلمات ألقيت من المنصة الرئيسية، حمّل المنظمون مسؤولية تدهور الأوضاع للمؤسسات الدولية، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية، متسائلين عن غياب العدالة والردع في ظل سقوط أعداد متزايدة من الضحايا المدنيين. واعتبر المتحدثون أن التقاعس الدولي إزاء الأزمة يفاقم معاناة سكان دارفور ويقوض ثقة الشعوب بالنظام الدولي القائم على حماية حقوق الإنسان.

وفي الوقت نفسه، تطرقت المداخلات إلى ما اعتبروه أحد أخطر أوجه الصراع الراهن، والمتمثل في تدخل عناصر أجنبية في القتال داخل السودان. وأشارت تقارير تحدث عنها المشاركون إلى وجود مرتزقة من جنسيات مختلفة، بينهم كولومبيون وأوكرانيون، يقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع، الأمر الذي وصفوه بأنه تطور يهدد الأمن الإقليمي ويزيد من تعقيد المشهد الميداني.

بالتوازي مع هذه التحركات في فرنسا، نقلت وسائل إعلام تصريحات رسمية للجيش السوداني حول عملية عسكرية جرت في إقليم دارفور. وأعلنت الفرقة السادسة مشاة تنفيذ «عملية نوعية» في مدينة الفاشر، أسفرت –بحسب البيان– عن مقتل عدد من المرتزقة الأجانب المنتمين إلى جنسيات كولومبية وأوكرانية، كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع.

وأوضح البيان أن بعض هؤلاء المرتزقة متخصصون في تشغيل الطائرات المسيّرة، إلى جانب قناصة ضمن المجموعات المتمركزة في مبانٍ مرتفعة. واعتبر المصدر العسكري أن هذه التطورات تؤكد «تدويل الصراع» واتساع رقعته بما يتجاوز الحدود الوطنية.

من جهته، أشار مراقبون إلى أن تزامن المظاهرات في أوروبا مع إعلان الجيش السوداني عن القضاء على مرتزقة أجانب يعكس حجم التداخل بين الجوانب المحلية والدولية للأزمة، ويُظهر كيف تحوّل الصراع من نزاع داخلي إلى قضية تثير اهتمام الرأي العام العالمي.

خلاصة القول

يبدو أن الأزمة السودانية تدخل مرحلة جديدة تتجاوز البعد العسكري إلى أبعاد سياسية وإنسانية دولية، مع تصاعد الدعوات الأوروبية للتدخل وورود تقارير عن وجود مقاتلين أجانب في دارفور. وبين مشاهد الاحتجاج في فرنسا وأصوات القتال في السودان، تتأكد حقيقة واحدة: أن الصراع لم يعد محلياً، وأن إنهاء المعاناة يتطلب تحركاً دولياً أكثر جدية ومسؤولية لحماية المدنيين وضمان استقرار البلاد.


اكتشاف المزيد من مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

قمة بوتين – ترامب المرتقبة: هل تمهد لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

مقال تحليلي – خاص مركز المستقبل تتجه الانظار الى العاصمة المجرية بودابست حيث يتوقع عقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *